المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي من مهرجان لندن: السطوح

23 أكتوبر 2013

“السطوح” من تأليف وإخراج مرزاق علواش
بطولة نسيمة بلميهوب، إحسان بن زراري

بقلم بن فوك

يطلّ علواش على أحياء الجزائر من علٍ، من السطوح، حيث يسرد من خمسة أماكن خمس قصص تجري كلها في يوم واحد ومرتبطة بأوقات الصلاة الاسلامية. نتعرّف في الفيلم على خمسة أحياء جزائرية، من أعلى سطوح الأبنية الطويلة التي تتناثر في هذه المدينة المكتظّة.

لكن علواش لا يختار أن يظهر الحياة في الجزائر بصورة مشرقة. يصوّر لنا مثلاً مغنّية في فرقة شبابية ترتبط بعلاقة عاطفية سرية مع أحد زملائها في الفرقة، لكنها تتعاطف مع فتاة منعزلة تراقبهم من سطح مجاور. يتطرّق علواش أيضاً إلى عملية تعذيب لشخص يقوم بها أتباع رجل ثري عبر إغراق رأسه في الماء. ثم تعرّضهم بالضرب لفريق تصوير فيلم وثائقي.

وفي الأحياء الأخرى للمدينة، تتنقّل الكاميرا ما بين الأسطح الباقية. تخبرنا عن رجل مقيّد بالسلاسل في قفص خشبي يروي قصص نضاله لفتاة صغيرة تحضر له طعامه اليومي. هناك أيضاً امرأة مسنّة تحاول الحفاظ على عائلتها المضطربة.

قصص متنوّعة ومؤثرة يزيّنها أداء طبيعي وجذّاب للمثلين. لكن وككل أعمال هذا النوع السينمائي الذي يجمع قصصاً قصيرة في عمل واحد، نشعر بتفاوت كل فصل عن الآخر. وربما يبدو بعضها أقوى وأعمق من أخرى.

من الصعب ألا تؤثر فينا كل تلك القصص التي يرويها لنا علواش في عمله. يمكن القول إن المضمون تاه منه بعض الشيء بسبب تناوله لقضايا كثيرة في الوقت ذاته، كما أصاب الدوافع شيء من التشويش.

تتصاعد وتيرة التشويش هذه كلما اقتربنا من نهاية الفيلم. بعض القصص تنتهي بطريقة غير مرضية، وهناك قصتان على الأقل تبدوان موغلتين في الظلم.

ليس بمقدوري التوضيح أكثر من ذلك، وإلا قد أفسد متعة المشاهدة. باستطاعتي إخباركم عن تطرّق الفيلم إلى التطرّف الاسلامي بطريقة مثيرة لكنها تفتقد كثيراً إلى المصداقية. وتأتي قصة المغنّية، لتعوّضنا في النهاية عن كل الثغرات الموجودة في العمل.

يظهر هذا الفيلم هوس علواش وغضبه على حد سواء من صخب المدينة وتناقضاتها. لا شك أن مشاهدته ممتعة، الأمر الذي يجعل ومضات الشر فيه أكثر فظاعةً. أما كل من لا يملك فكرة عن الحياة المعقّدة للأفراد الذين تكتظّ بهم سطوح العاصمة الجزائرية، فيستآلفون مع شخصيات العمل، حتى لو كانت فكرة العيش على السطوح مدمّرة.

blog comments powered by Disqus