المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: زهور الشر (2010)

10 مايو 2011

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: زهور الشر
العام: 2010
إخراج: دايفيد دوزا
بطولة: أليس بلايدي، رشيد يوسف
النوع: آرت هاوس، عالمي، دراما

بعد الثورة التي قامت في طهران عام 2009، أرغمت الشابة أنيتا، أو الآنسة دالواي (أليس بلايدي)، من قبل والديْها على الذهاب إلى باريس “مدينة النور”. وهناك تقع في حب الخادم الباريسي وراقص البريك دانس (رشيد يوسف)، الذي يحاول تخليصها من هوسها بالشبكات الاجتماعية واليوتيوب. غير أنها ليست ملتزمة كلياً بعلاقتها معه، لا سيما أن كل تفكريها يتركّز على الحركات الثورية التي يشارك فيها أصدقاؤها في موطنها. أما جيكو فهو شاب حرّ، قادر على الانسجام مع كل ألوان الحياة، بينما هي سجينة مقاطع الفيديو التي يتم تداولها على شبكة الانترنت وتظهر فيها الوقائع التي قد تؤسس لمستقبل جديد في إيران.

للترجمة العربية اضغط على

Flowers of Evil - Trailer

إعلان فيلم زهور الشر

لقد ذكرنا الشبكات الاجتماعية كثيراً مؤخراً في نقدنا السينمائي، لذا ليس من الغريب أن نرى زيادةً في اعتماد هذه الوسيلة القوية في الأفلام والسينما. صحيح أن النوعية ليست دائماً جيدة، لا سيما بالنسبة لوضوح الصورة، لكنها تخدم المصداقية والأسلوب بالتأكيد.
في القصة بعض التاريخ. فالمخرج دايفيد دوزا يمزج بقوة المقاطع الحقيقية للثورة الخضراء في إيران، والتي كان قد جمعها عن الانترنت، في قصة حب خيالية: إحداها نتيجة للأخرى. إنه ليس فيلماً وثائقياً، وإلا لكان رأينا مختلفاً. إنه انعكاس “للحركة الخضراء” من خلال عينيْ دولواي في باريس المتحررة، مقابل إيران المليئة بالظلم (بحسب الفيلم).

ويستخدم دوزا الأضداد من أجل إبراز الصراع ما بين الشخصيات والهويات والثقافات. أكثرها وضوحاً هي إيران مقابل باريس، وغالواي مقابل جيكو. فغالواي شابة من الطبقة العليا تقيم في أفخم فنادق وشقق باريس، ممتلكة أحدث الأدوات الاصدارات التكنولوجية، بدءاً من اللاب توب إلى الهاتف الذكي، وتجيد ثلاث لغات وتحفظ أبياتاً من كتاب زهور الشر (وبالتالي عنوان الفيلم). أما جيكو، فهو عشيقها الأقل مرتبةً منها، يرقص كلما مشى على الطرقات العامة، ويقفز في كل اتجاه ويستمتع بأبسط أشكال الحياة. غير أن ما يجمعهما هو ما تصفه بكلماتها الخاصة: “تعرفت على جيكو في باريس: تملؤه الحرية التي نحلم بها”.

أما المشاهد التي نقلت أحداث “الثورة الخضراء“، فقد ساهمت في إضفاء بعد شخصي على مقاطع الفيديو، كما شكلت، ربما، منبراً للعالم الخارجي. فنحن نجد أنفسنا في كل ما نراه، وتولد لدينا الرغبة في متابعة قصص الشبان الذين يتم ضربهم في الشوارع. أما حقيقة أن هذه المقاطع “واقعية“، فتضيف تعاطفاً كبيراً مع هذه الصور. أما الانتقال ما بين الواقع والخيال، فيتم بسلاسة كبيرة، محافظاً على بنية قوية لأحداث الفيلم. حتى الموسيقى التي تمزج ما بين الغربية والايرانية، تفصح عن الكثير من التفاصيل التي تم إبرازها أثناء عمل هذا الفيلم.

وقد استلهم دوزا الكثير من مقاطع الفيديو التي صوّرت الثورة، فاعتمد زاويةً مشابهة في قصته الرومانسية الخيالية، مع الكثير من الصور القريبة والأماكن الضيقة، مما أبرز بشدة شعور دولواي الواضح بالاختناق وهوسها. فبينما تسير في شوارع باريس، تشعرنا المشاهد المقربة من وجهها بالحيرة، وتجعلنا نتساءل ما إذا كنا فعلياً في طهران بين الحشود المتظاهرة. إنها طريقة جديدة لرواية القصة وتصوير ما يسكن أفكارها. قصة الفيلم تقوم على فكرة الشبكات الاجتماعية، وما يزيد في تماشيها مع الأحداث التاريخية الحديثة، هو عرض الدردشات مع الأصدقاء والعائلة في الوطن على شاشتنا، لمزيد من التأكيد على الاثارة والأحداث المستقبلية.

وأخيراً، لم يكن الفيلم ليبدو بهذه العاطفية لولا الممثلين الموهوبين – أو يجدر بي القول، لولا المواهب المكتشفة. فالممثلان الرئيسيان كلاهما يمثلان للمرة الأولى في فيلم روائي، وقد نجحا فعلاً في توصيل كمية من المشاعر الحقيقية، لا يقدر عليها سوى الممثلين المحترفين. وقد لفت يوسف، الذي يمارس الرقص منذ نعومة أظافره، انتباه المخرج دوزا في فيلم قصير سابق، بينما الشابة أليس بلايدي، فهي تمثل في المسرح منذ العام 2003. وبعد أن اشتهرت في موندراما بعنوان “اعترافات إلى الله“، تسنت لها أخيراً فرصة إظهار موهبتها على الشاشة.

إنه فيلم محزن لكنه مثير، ويمكن القول إن “زهور الشر” هو من الأفلام التي يجب مشاهدتها. وكانت مؤسسة الدوحة للأفلام التقت بدوزا في مهرجان ترايبكا السينمائي 2011، ويمكنكم الاستماع إلى ما قاله هنا:

للترجمة العربية اضغط على

David Dusa on his film 'Flowers of Evil'

blog comments powered by Disqus