المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: عودة الأطفال

27 مايو 2012

بقلم ريم صالح، قسم الويب، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: عودة الأطفال
إخراج: تاكيشي كيتانو
العام: 1996
بطولة: كن كانيكو، ماسانوبو أندو وليو موريموتو
النوع: دراما
مدة العرض: 107 دقائق

يروي فيلم “عودة الأطفال” قصة جانحيْن مراهقيْن يتخلفان باستمرار عن المدرسة، ويستمتعان بمضايقة زملائهما وأساتذتهما في الصف. يقودهما أسلوب حياتهما الذي يغلفه الاهمال وعدم الاكتراث إلى طريقيْن مختلفين، والمفارقة أنهما ناجحيْن.

ترافق موسيقى خاصة كل مشهد يظهر فيه كل من ماسارو (كن كانيكو) ومرافقه الأكثر هدوءاً شينجي (ماسانوبو أندو) وهما يقومان بأمر ما، وكأنها تريد أن تلمح إلى أن الحياة جميلة ومليئة بالأمل، كلما تعددت الامكانيات أمامنا. فالمراهقان منغمسان في عالمهما العجيب، يتمتعان بسلسلة من المغامرات—غير أن شعورهما بالمتعة يعني أنهما تسببا بالضرر لأندادهما. إنهما أخرقان نموذجيان، يقومان بحرق سيارة الأستاذ لأتفه الأسباب، ويرعبان زملائهما في الصف من أجل الاستحواذ على نقودهم، التي يقومون بإنفاقها في خروجهما اليومي. ولا بد أن هذه الأفعال الشنيعة تنبئ بمستقبل مظلم، كما يتوقع جميع العاملين في المدرسة، أما زملائهما فيحسدونهما نوعاً ما على جرءتهما.

ويقرر أحد ضحاياهما الانتقام، فيستخدم ملاكماً ليلقنهما درساً؛ ويتم ذلك، غير أن ماساروا لا يقبل بالهزيمة فيقرّر أن يتدرّب لينتقم، جارّاً صديقه الخجول معه.

وفي النادي، يلاحظ المدرّب موهبة الملاكمة عند شينجي على عكس توقعات الجميع، بسبب طبيعته الهادئة والخجولة. لكن بعد خسارته في مباراة مندفعة، يقرّر ماسورو أن يتخلى عن الملاكمة للمشاركة في نشاط آخر، مشجعاً صديقه على الاستمرار في الملاكمة، التي قد تغيّر حياته.

وبينما يصب شينجي كل تركيزه في التدريب على الملاكمة، ينضم صديقه إلى عصابة ياكوزا، على أمل أن يصبح قائدها يوماً ما؛ وهكذا يجنح بهم الطريق إلى مسار غير معلوم.

هؤلاء المراهقان غير مسؤوليْن تماماً عن قراراتهما، لكنهما ينجران إلى اتخاذ سلسلة من القرارات بمحض الصدفة. فإن لقاءهما بزعيم عصابة ياكوزا في مطعم، يدفعهما إلى تكوين فكرة سطحية عن الرجل الثري والجذاب، والذي يحترمه جميع من في محيطه. لكن الحقيقة هي أن تورط ماسارو معهم يعني أن لا عودة إلى الوراء.

وبينما يكرّس شينجي كل وقته في النادي الرياضي، تحت محط إعجاب زملائه في الملاكمة، توشك الغيرة التي يشعر بها من يكبرونه سناً على أن تهدد نجاحه. يتمكن أحد الأبطال القدماء في النادي من إقناعه بالاستمتاع بالحياة خارج إطار التدريبات واتباع نظام حياة غير صحي، فتتسبّب نزعة شينجي الطبيعية إلى التبعيّة، بتغيير مسار مستقبله الواعد.

يُظهر كيتانو قدرة عميقة على تفهّم نفسية الشباب المضطرب، مستخدماً زاوية فكاهية في تصويرهم. في الوقت ذاته، يطرح أسئلة واقعية عن نتائج الحياة بدون هدف ولا إرشاد. غير أن مقاربته التشاؤمية تلك لا تنكر عاطفته تجاه الشابيْن، اللذين يواجهان احتمال النجاح، بينما يسيران بهوادة نحو البلوغ – مما يترك الجمهور للتفكير..

يعرض هذا الفيلم في الدوحة ضمن سلسلة عروض الأفلام التي تنظمها مؤسسة الدوحة للأفلام على مدار العام، والتي تشمل أعمالاً يابانية لاقت ضجة واستحساناً كبيريْن. سلسلة العروض هذه هي جزء من مبادرة قطر اليابان 2012 التي تكرّم 40 سنة من العلاقات الثنائية الديبلوماسية الممتازة بين الدولتيْن.

في الشهر القادم، سيعرض فيلم “غلاسز” (نظارات)، وهو فيلم كوميدي غريب من إخراج ناووكو أوجيغامي. وقد بدأ الآن بيع التذاكر هنا.

blog comments powered by Disqus