المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: عمر قتلني (2011)

29 يناير 2012

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: عمر قتلني
إخراج: رشدي زم
بطولة: سامي بوعجيلة، دنيس بوداليدس وموريس بينيشو
العام: 2011
مدة العرض: 85 دقيقة

في 24 يونيو (حزيران) 1991، تم العثور على الأرملة الثرية جوسلين مارشل، مقتولةً في قبو الفيلا التي كانت تقطنها في موجان، بقرب مدينة نيس الفرنسية. على الباب، عُثر أيضاً على عبارة “عمر قتلني“، مكتوبةً بدمها، ما حوّل أتوماتيكياً أنظار المحققين إلى الاشتباه بعمر ردّاد، البستاني المغربي الذي كان يعمل لديها، والذي بالكاد يتكلم الفرنسية، فحُكم عليه بالسجن مدة 18 عاماً، على الرغم من عدم كفاية الأدلة.

وقد أثارت قضية عمر ردّاد غضب الاعلام حينها وأطلقت الكثير من علامات الاستفهام حول نزاهة النظام القضائي الفرنسي تجاه الأجانب. في النهاية، تمّت إدانة عمر عام 1996، ثم منحه رئيس الجمهورية جاك شيراك عفواً رئاسياً، لكن تم إطلاق سراحه عام 1998. في فرنسا، لا يزال عمر مذنباً في عرف القانون، وهذا الفيلم المقتبس عن سيرة حياته، قد يكون المحاولة الأخيرة لتبرئته.

ويروي الفيلم قصتيْن: التحقيقات التي أجراها الكاتب بيير إيمانويل (دنيس بوداليديس)، وقصة الوقت الذي قضاه عمر في السجن. وفي الوقت ذاته، نتعلم دروساً بالغة الأهمية من عمر نفسه، هذا الرجل البسيط لكن الجلود، الذي لم يذهب إلى المدرسة، لكنه يؤمن بشرف اسمه وعائلته.

وكما نرى في الفيلم، لم يتم العثور على آثار دماء على ثيابه، ولا أي دليل على تواجده في ساحة الجريمة. وقد أشارت الأدلة على أنه كان متواجداً في مكان آخر مختلف كلياً، لحظة وفاة مارشل. لكن في هذه الحالة الكلاسيكية من الفساد، يجد عمر نفسه وحيداً في مواجهة نظام بأكمله. ومما واجهه نذكر عملية التلاعب بالأدلة، وإحراق جسد مارشل لتجنب المزيد من التحقيقات. ويدفعه الاحباط جرّاء هذا الوضه إلى الاضراب عن الطعام في السجن- كما يُصاب بالتشاؤم الذي يؤدي به أخيراً إلى محاولة الانتحار.

من الجدير ذكره أن مقاربة سامي بوعجيلة لشخصية عمر، هي مقاربة مؤثرة جداً – إنه لا يتحدث كثيراً، لكنه يستخدم عينيه للتعبير عن حالته الصعبة. وفي المحصلة، قلة كلامه هي أكثر العناصر تأثيراً في الفيلم. فكما يقول باكياً “لم يعد لدي حياة، لقد دمّرها القاضي”. هذا التشخيص أدّى إلى فوز بوعجيلة بجائزة أفضل ممثل في مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي الثالث، كما فاز المخرج رشدي زم بجائزة أفضل مخرج عربي روائي .

غير أن هذا الفيلم لا يتضمن تقنيات سينمائية عالية. بدلاً من ذلك، إنه يروي قصةً حقيقيةً. قصة الظلم الذي تعرّض له عمر. وقد تمكن المخرج زم من استخراج أقوى وأفضل أداء من فريق الممثلين في الفيلم، بدون استدرار الشفقة. فالمخرج هو ممثل أيضاً، وفي فيلمه الثاني هذا، يقدم لنا قضية عمر كمسألة غير منتهية – وقضية عدالة لا بد وأن تتحقق يوماً.

في المقابل، نرى أن التحقيق في فيلم “عمر قتلني“، والذي أنتج بهدف إثبات براءته، يسمح للجمهور بالبحث عن الأدلة والربط فيما بين الخيوط، والحكم بأنفسهم. نتابع في الفيلم التحقيقات التي أجرتها الشرطة فعلياً، وحيث يلعب القضاة دور محامي الشيطان.

هناك القليل من الاختلاف حول صحة براءة عمر، لكن الفيلم يحث على الادراك أن جميع من في السلطة، قادرون على جمع الأدلة والتلاعب بها، من أجل إقناع أولئك الذين يشككون بتورّط عمر في الجريمة.
في النهاية، يضيء الفيلم على تلك القضية التي ذهبت طي النسيان منذ زمن. لا نستطيع سوى احترام هذا المخرج الذي ينطلق في محاولة لإحداث تغييرٍ ما.

للترجمة العربية اضغط على

Omar Killed Me - Trailer

إعلان فيلم عمر قتلني

blog comments powered by Disqus