المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: تامر عزّت

27 سبتمبر 2011

تامر عزت هو مخرج مصري بدأ حياته المهنية عام 1994 مونتيراً إلى جانب مخرجين معروفين أمثال يوسف شاهين في فيلمه ‘سكوت…. ح نصور‘، و يسري نصرالله في فيلمه ‘صبيان وبنات’. درس الإخراج والمؤثرات الخاصة في جامعة نيويورك ومؤسسة نيويورك للفنون. في العام 2002 عاد إلى القاهرة للبدء بإخراج وإنتاج أفلام وثائقية حازت على جوائز من بينها ‘كل شيء هيبقى تمام’ ، ‘مكان اسمه الوطن’. كان العرض الأول لفيلمه الروائي الأول ‘الطريق الدائري’ الذي أخرجه وكتبه بنفسه، في مهرجان القاهرة السينمائي 2010. أما فيلمه الأخير ‘تحرير 2011’ فهو وثائقي طويل شارك في إخراجه، وتناول موضوع الثورة المصرية، وقد اختير ليشارك في مهرجانات البندقية، تورونتو، أبوظبي وأمستردام. حاز عزّت على منحة من مؤسسة الدوحة للأفلام، لتمويل فيلمه الجديد ‘عندما ولدنا’.

إعلان فيلم ‘الطريق الدائري’:

للترجمة العربية اضغط على

The Ring Road - Movie Clip

إعلان فيلم الطريق الدائري

مؤسسة الدوحة للأفلام: تهانينا على التمويل الذي حصلت عليه من مؤسسة الدوحة للأفلام لفيلمك ‘عندما ولدنا’. أيمكنك أن تحدثنا أكثر عنه؟

تامر: استوحيت فكرة الفيلم من الوثائقي الذي أنتجته في العام 2006 بعنوان “مكان اسمه الوطن“، والذي تناول مفهومي الانتماء والهجرة. بعد عرض الفيلم في مدن مختلفة حول العالم، وردود الفعل التي توالت، تيقنت أننا نبحث فقط عن السعادة، بغض النظر عن المكان الذي أتينا منه، أو عن معتقداتنا. وبحثنا عن السعادة يبدأ يوم الولادة، إلاّ أننا نبدأ رحلة النضال في الحياة عندما تتعارض أحلامنا مع المسلمات التي فرضت علينا منذ ولادتنا كالجنس والبلد والدين. إنه صراع درامي بحت سواء حققنا أحلامنا أو لم نحققها، كل هذه الأمور تشكّل تفاصيل قصة حياتنا. هكذا نشأت فكرة الفيلم المقتبسة جزئياً عن حياة الناس الذين شاركوا في فيلم “مكان اسمه الوطن”.

شاهدوا إعلان فيلم ‘مكان اسمه الوطن’.

*مؤسسة الدوحة للأفلام: اختير فيلمك ‘مكان اسمه الوطن’ لكي يتم عرضه رسمياً في أكثر من 13 مهرجاناً وفاز بأربع جوائز، أخبرنا عنه قليلاً.
تامر: بعد أن أنهيت العمل على مشروعي الأخير، وهو فيلم وثائقي بعنوان “كل شيء هيبقى تمام!” يتناول العرب الذين يعيشون في نيويورك بعد 11/9 ، تلقيت الكثير من الرسائل الالكترونية من أشخاص شاهدوا الفيلم وشعروا بأنه يمثّلهم كمهاجرين عرب. لكني، وعلى وجه التحديد، تأثرت برسالة من امرأة شاهدت الفيلم في القاهرة. كانت تشعر باليأس الشديد وأخبرتني قصتها. قالت إنها متزوجة ولديها ابن في الرابعة من عمره اسمه يوسف. وأخبرتني أنهم كانوا قد خططوا للهجرة إلى كنده، مباشرة بعد انتهاء المعاملات اللازمة. وكأي أم، شعرت بالقلق حيال تربية ابنها بعيداً عن مصر. لكن أكثر ما كان يقلقها هو أن يضطر ابنها لمواجهة مشكلة أزمة الهوية مع مرور الزمن. ولقد شعرت أن الصبي في فيلمي، والذي يحمل الاسم ذاته “يوسف“، يمثّل ابنها. هذا الصبي الذي كان يبلغ التاسعة من عمره، صار يعاني من اضطرابات في النوم بعد أحداث 11/9 ، وكان يرى الكثير من الكوابيس. وذات يوم ذهب إلى والديْه وصدمهما، بعدعبّر لهما عن رغبته بتغيير اسمه ودينه، بعد أن شعر أن الأميركيين لا يحبون العرب، بسبب ما يشاهدونه على التلفزيون. ولقد كتبت لي هذه الامرأة تخبرني عن تردّدها حيال الارتحال عن مصر، على الرغم من استقلالية عائلتها التامة عن المجتمع في مصر، ثقافياً وعاطفياً.

في البداية، شعرت بالاضطراب. لم أرغب أن يكون لفيلمي هذا التأثير القوي على الناس. فالهدف منه هو تعزيز التفاهم المتبادل ما بين الثقافات. بعد فترة بدأت التفكير بحياتي ومن يحيطونني، فاكتشفت أن الهجرة كانت جزءاً من قصتي أنا بطريقة أو بأخرى لفترة طويلة من الزمن. لقد كان لدي عم وبعض الأقرباء ممن ارتحلوا إلى أماكن مختلفة؛ معظم رفاقي في المدرسة هاجروا أو يفكرون بالهجرة. انضممت إلى العديد من غرف الدردشة لأكتشف أن الهجرة هي أكثر المواضيع التي تتم مناقشتها. لهذا قررت أن أنجز فيلماً حول الهجرة، كي أبحث عن الأسباب التي تدفع الناس إلى ترك دولهم، وما الذي يبحثون عته في الأماكن الجديدة، وما هو تعريف كلمة “وطن” بالنسبة لهم؟

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف ترى مستقبل السينما المصرية بعد الثورة؟
تامر: الصناعة السينمائية الآن في حالة جمود، فصناع الأفلام ما زالوا يحاولون استيعاب ما حصل. إنهم يريدون أن يدرسوا آثار الثورة على الناس، في الوقت الذي يبحثون فيه أيضاً عن رسائل يحولونها إلى أفلام. أنا متأكد من أن مستقبل السينما المصرية يحمل بذور الأمل. لا بد وأن عدد الأفلام الجدية سيزيد، لكني لا أظن أن الأفلام التجارية ستتأثر.

شاهدوا إعلان فيلم ‘تحرير 2011’.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي تفتقده السينما العربية لتكون ماثلة على الساحة الدولية؟
تامر: مجموعة عوامل. يمكن للسينما العربية أن تكون أنانية أحياناً، وهكذا يصعب على الجمهور العالمي أن يفهمها. إنه مزيج دقيق؛ كيف بإمكانك أن تصنع أفلاماً عن حياتك بصدق ومنظور عالمي في الوقت عينه؟ لذا يقع التحدي على كاتب النص. كما أعتقد أن اللغة العربية بحد ذاتها تشكّل صعوبة، لأن اللغة الانكليزية هي اللغة العالمية، كما أن الترجمة ليست مستحبة كثيراً ومنتشرة كما في العالم العربي. هذا تحد آخر يتعلق بما تعودت عليه الجماهير وبالتوزيع أيضاً، مما لا يسمح لدور السينما بالمغامرة وعرض أفلام أجنبية. وتعاني السينما العربية أيضاً من الأفكار المسبقة عن المنطقة. هذا الأمر خطير لأنه يحدّ من عدد الأفلام العربية التي بإمكانها أن تعرض على الجماهير العالمية. هناك نزعة لاختزال السينما العربية إلى مواضيع محددة كفلسطين، وقضايا المرأة والارهاب. وهذا أمر سيء يزيد من حدة الصور النمطية.

مؤسسة الدوحة للأفلام: لقد درست الفيزياء والهندسة الإلكترونية لتنتقل بعدها إلى مجال السينما. ما الذي دفعك إلى تغيير مهنتك؟
تامر: إن شغفي بالفنون بشكل عام يعود إلى سنوات الدراسة الجامعية، حيث شاركت بأنشطة موسيقية غنائية تمثيلية وتصويرية. لا أستطيع أن أنسى مدى تأثير الفيلم الذي شاهدته في العام 1989 للمخرج ستانلي كوبريك بعنوان “سترات معدنية كاملة“، أذكر تماماً كيف تلاعب السيناريو والإخراج بعواطفي كمشاهد من الناحية الإيجابية طبعاً. بعد ذلك، عرفت أن مجال صناعة الأفلام هو الطريق الذي أرغب في سلوكه.

مؤسسة الدوحة للأفلام: إن مسار حياتك المهنية متنوع ما بين التمثيل والمونتاج والإنتاج والإخراج، ما هو الشيء الذي تودّ أن تركز عليه؟
تامر: سعيت دوماً لأكون مخرجاً، ولكي أكون متمكناً من ذاتي، اعتقدت بوجوب تجربة أكبر قدر ممكن من الأمور المتعلقة بهذا المجال. إن إلمامي كمخرج بالعديد من الأمور في هذا المجال ساعدني على التفاعل والتواصل مع الآخرين. وأنا على يقين بأن تجربة التمثيل ساعدتني على التعامل مع باقي الممثلين، كما سهلت علي العمل لأني دائماً محكوم بميزانيات ضئيلة، كوني مخرج مستقل.

مؤسسة الدوحة للأفلام: لقد منتجت أعمال الكثير من المخرجين المعروفين كيوسف ساهين ويسري نصرالله، كيف تصف لنا هذه التجربة؟
تامر: إن المونتاج بحد ذاته مدرسة سينمائية، والعمل بشكل مقرّب مع هذين المخرجين الرائعين على مدى سنوات، ومراقبة ما يقومان به وكيفية تفكيرهما، علمني الكثير، ليس في مجال المونتاج فحسب بل في مجال صناعة الأفلام ككل، كالإخراج وكتابة السيناريو وإدارة الممثلين…

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الأفلام ومن هم صناع الأفلام الذين ألهموك ولماذا؟
تامر: العديد! يعتمد ذلك على مختلف المراحل التي تدرجت فيها في حياتي. يمكن أن يكونوا أشخاصاً عملت معهم، كالممنتجين، أو أفلاماً شاهدتها. لكن بشكل عام، يعجبني أسلوب ستانلي كوبريك و يوسف شاهين و يسري نصرالله ، و بول غرين غراس ، و ونغ كار واي . تختلف أساليبهم لكن كل واحد متميز على طريقته الخاصة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الرسالة التي توجهها لمن هم في بداية المشوار؟
تامر: رسالتي بسيطة… لا تدعوا التعقيدات التي تواجهكم تحبطكم ، حين تعملون على أفلامكم. إن صناعة الأفلام هي في مركز جيد حالياً؛ الأدوات متوفرة أكثر من ذي قبل. إن كانت لديكم فكرة، لا تهدروا السنوات وأنتم تبحثون عن منتج؛ تناولوا أقرب كاميرا، أي كاميرا، وابدؤوا التصوير!

blog comments powered by Disqus