المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: زيد أبو حمدان

05 يوليو 2011

ولد زيد أبو حمدان في الأردن عام 1982. ومنذ نعومة أظافره وهو متّيم بسحر رواية القصص، كما أنه بدأ التمثيل في سن الخامسة. تخرّج من الجامعة اللبنانية الأميركية عام 2005 وحاز على شهادة في فنون الاتصال (راديو، تلفزيون، سينما ومسرح)، ثم تابع دراسته في نيويورك بأكاديمية نيويورك للسينما، حيث حاز على شهادة ماجستير فنون جميلة في الاخراج السينمائي.
عمل زيد في مناصب عدة حول العالم منها، مساعد مخرج، ومدير إنتاج ومراسل تلفزيوني. أنتج حملات للصليب الأحمر الدولي وعمل في منصب مساعد مخرج أول وكاتب لبرنامج حكايات سمسم، وهو النسخة الأردنية لبرنامج إفتح يا سمسم، قبل أن ينتقل للعمل في قناة أم بي سي أكشن، وهي إحدى قنوات مجموعة أم بي سي العربية، كمنتج ومدقّق نصوص.

في العام 2009، أسس زيد شركة إنتاج “زها للانتاج“، وأنتج أربعة أفلام قصيرة في الشرق الأوسط وهوليوود. فاز فيلمه الأول ‘برام وهمزة‘، فاز بالعديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية دولية، ومنذ ذلك الحين تم اختياره للتوزيع في مؤسسات تعليمية في أميركا ولتدريب الشباب على قضايا الشرق الأوسط والترويج لثقافة الحوار والسلام. أما فيلمه الأخير ‘بهية ومحمود‘، فقد تم اختياره للمشاركة في مهرجان دبي السينمائي الدولي، ضمن فئة مر للأفلام القصيرة في ديسمبر 2010، وشهد عرضه الأول في أميركا بمهرجان بالم سبرينغز السينمائي الدولي للأفلام القصيرة المترشحة لجوائز أوسكار، في يونيو 2011. وهو انتهى لتوه من إنتاج فيلم قصير جديد بعنوان ‘حب… عَ كبير‘، تم تصويره في لوس أنجلوس وبيروت.

يعيش زيد حالياً في هوليوود، كاليفورنيا، حيث يعمل على تطوير فيلمه الروائي الطويل الأول ‘حنين‘، في مختبر تورينو السينمائي وبرنامج إيف للتبادل، وقد فاز نص هذا الفيلم أيضاً بمنحة تطوير النص من مؤسسة الدوحة للأفلام في مايو 2011.

للترجمة العربية اضغط على

Bahiya & Mahmoud - Trailer

مؤسسة الدوحة للأفلام: تهانينا على فوزك بتمويل من مؤسسة الدوحة للأفلام. أخبرنا المزيد عن هذا المشروع الجديد.
زيد: شكراً! ‘حنين’ يروي قصة أربع أخوات يلتقين بعد سنوات من الافتراق، من أجل حل بعض المسائل التي كانت تسيطر على حياتهن منذ وُلدن. فلقد نشأن في السبعينات والثمانينات في ظل والد مفرط الحماية في الأردن، تحوّل إلى التديّن الصارم والتقليدية بعد وفاة زوجته في الثمانينات. في ذلك الوقت، كانت تعتبر تربية أربع بنات في عمّان أمراً صعباً و“احتمالاً لاستدرار الأقاويل والفضائح”. وفيما تحاول الأخوات التحرر من قبضة السيطرة العائلية والتقاليد البالية، يجدن أنفسهن في مواجهة مخاوفهن وأفكارهن المتحجرة.

أرغب، كعربي، بالبحث في كيفية سيطرة التقاليد على طريقة تفكيرنا، وتصرفاتنا وقراراتنا، بغض النظر عن درجة الليبرالية التي نعتقد أننا وصلنا إليها. وكمخرج ذكر، يصنع فيلماً عن أربع أخوات، أجري حالياً بحثاً دقيقاً لاستكشاف جوانب شخصياتي الأربع بشكل مفصّل، لأن الخيط ما بين التمكين والتقمص العاطفي رفيع جداً. هدفي هو التمكن من عرض هذا الفيلم في دور السينما حول العالم، للتأثير في أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وفي الوقت نفسه إظهار طبيعتنا العربية المرحة والمحبة.

وإذا سار كل شيء بحسب الخطة انشاءالله، سيتم تصوير ‘حنين’ في عمّان في شهر أوكتوبر 2012، ويبدأ دورته في المهرجانات بعد الانتهاء منه بفترة قصيرة. منتجة فيلمي هبة أبو مساعد وأنا التقينا العديد من المنتجين الأوروبيين الذين تهمهم المشاركة في الانتاج، وهناك أيضاً بعض المنتجين الأميركيين الذين ندرس إشراكهم في الانتاج حالياً.

مؤسسة الدوحة للأفلام: من الواضح أنك متيّم بمجال رواية القصص. إلى أي مدى، برأيك، تكتسب القصص النابعة من الشرق الأوسط أهمية بالنسبة للعالم؟
زيد: أظن أن العالم لم يتعرّف بعد على القصص النابعة من الحياة في الشرق الأوسط. لدي شعور قوي أنه من واجبي كمخرج سينمائي أن أصنع أفلاماً مشبعة بالنقد الذاتي. لقد انطلقت الحضارة من عندنا، وعلى الرغم من ذلك، نحن متأخرين في العديد من النواحي، وهذا من العار. إن الأفلام هي وسيلة قوية، وأتمنى على المخرجين العرب إخبار القصص التي تستحق الاخبار، تلك التي تُظهر سحر ودفء الشرق الأوسط!

مؤسسة الدوحة للأفلام: أنت تمتلك خبرة واسعة في العديد من المجالات الاعلامية. في أي منها تجد نفسك أكثر ولماذا؟
زيد: لقد عملت في السينما ككاتب ومخرج ومنتج وممثل، بينما كنت لا أزال أدرس في الجامعة. ولا زلت أعمل مقدماً تلفزيونياً حتى اليوم. إني أستمتع بالقيام بكل تلك الأمور، أعترف أنني شغوف تحديداً بالكتابة والاخراج. والسبب أن عملية ابتكار الشخصيات على الورق ومن ثم إحيائها، أمر ينعش كياني. أحب كل ما يخص صناعة الأفلام. أحب أن أؤلف الشخصية وأعيشها قبل أن أسلم أمرها للممثل، ثم أتولى أمر إدارتها من بعد ذلك عبر الاخراج. بالاضافة إلى ذلك، حينما أكون لست منغمساً تماماً في القيام بذلك، أنا دائماً مفتوح على خيار التمثيل. التمثيل بالنسبة لي يعني العلاج.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أنت تعيش حالياً في هوليوود. هل هناك سبب محدد؟ هل تشعر بأن فرص التطوّر في مجالك أقل في منطقة الشرق الأوسط؟
زيد: جئت إلى هوليوود كي أنال الماجستير، وقد نلتها في شهر سبتمبر 2010 من أكاديمية نيويورك للسينما في هوليوود. بعد ذلك صار يتم اختيار فيلمي القصير الأول ‘برام وهمزة’ للمشاركة في العديد من المهرجانات والفوز بجوائز ضخمة، فقررت البقاء لعام آخر حتى ينتهي الفيلم من جولته، وفي هذا الوقت بإمكاني العمل والحصول على بعض الخبرة الهوليوودية. فانتقلت إلى شقة في وسط هوليوود – ووقعت في غرامها! أحلم بالعودة إلى الشرق الأوسط قريباً وتأسيس حياة جديدة وتوسيع آفاق عملي، لكن لا أنوي القيام بهذه الخطوة حتى أثق تماماً بوجود منبر سينمائي متين وثابت في الشرق الأوسط أستطيع التناغم معه.

للترجمة العربية اضغط على

Baram & Hamza - Trailer

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الصعوبات التي واجهتك في حياتك المهنية، وكيف ترى مستقبل تطوير السينما العربية في المنطقة؟
زيد: أرى المستقبل مشرقاً أمام صناع الأفلام العرب، دون شك. هناك الكثير من الأمور التي تستحق الاستكشاف في الشرق الأوسط، والغرب ينتظر تسليط الأضواء عليها. كما أن الشراكات الانتاجية في ازدياد في المنطقة، بالاضافة إلى المؤسسات السينمائية والتمويلية الجديدة نسبياً في الخليج التي تقوم بعمل رائع في مساعدة صناع الأفلام العرب الصاعدين على تطوير وتصوير قصصهم. لكن الشيء الوحيد الذي أتمنى التركيز أكثر على تطويره هو هامش الحرية لنا نحن صناع الأفلام العرب، كي نتمكن من رواية قصصنا بحرية، وحجم رقابة أقل، لكني متأكد أن ذلك سوف يتم مع الوقت. أتمنى ذلك على الأقل.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أنت أسّست شركة إنتاج خاصة بك. هل يسهل لك ذلك العمل على مشاريعك الخاصة، ولماذا؟
زيد: أسست شركة زهى للانتاج الفني عام 2009، إبان تصويري فيلمي الأول في لوس أنجلوس. وبعد نجاح الفيلم ‘برام وهمزة‘، ارتفعت أسهم الشركة، وتمكنت من إنتاج كل أفلامنا القصيرة، بالاضافة إلى أفلام قصيرة أخرى في أميركا والامارات العربية المتحدة. ومن المؤكد أن درجة شهرة الشركة يسهّل علينا المضي قدماً في فيلم ‘حنين‘، لأننا أسسنا بقوة لمهاراتنا السينمائية. وسيتم إنتاج هذا الفيلم عبر شركة زهى للانتاج الفني، بالتعاون مع شركة إنتاج أردنية محلية.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل بإمكانك إخبارنا القليل عن فيلمك القصير الأول ‘برام وهمزة‘؟ وكيف تشعر كمغترب عربي في هوليوود، يُستخدم فيلمه في تثقيف الشباب الأميركي حول قضايا الشرق الأوسط؟
زيد: فيلم ‘برام وهمزة’ هو نظرة إنسانية على الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، وهو عبارة عن قصة كتبتها إثر صدمة تلقيتها حين علمت أن اثنين من أصدقائي الجدد مو ومو، وقد كنت اظن أنهما على صلةة قرابة، كانا في الحقيقة محمد الفلسطيني وموتيك الاسرائيلي. وعلى الرغم من جهلي بالقضايا السياسية ورفضي الخوض فيها، لم يكن بوسعي سوى الشعور بالاعجاب بهذين الصديقيْن الحميميْن، مو ومو!

للأسف، حتى بعد الفوز بالعديد من الجوائز – كجائزة أفضل إخراج سينمائي عالمي بمهرجان أمستردام السينمائي، وجائزة الانجاز الباهر في فئة الأفلام القصيرة بمهرجان نيو بورت السينمائي بكاليفورنيا – لم ينل فيلم ‘برام وهمزة’ أي تقدير من مهرجانات في الشرق الأوسط. هذا مؤسف، لكني لست متفاجئاً لأن الفيلم لا يحمل قضية يرغب المشاهد الذي يعيش في هذه المنطقة برؤيتها. لم أبرّر كل عمليات القتل في هذا الفيلم، أو أعطي أية أعذار لما يقوم به الطرفان. ما فعلته كان إلقاء الضوء على حالة بسيطة وعواقبها المبالغة.

وقد تم توزيع الفيلم على بعض المدارس الأميركية في عدد من الولايات لتثقيف الطلاب حول ترتبات النزاعات بين الأمم، وقد تم إلحاق أفلام قصيرة أخرى تدور حول موضوع “نزاع الأمم”. لم أنو إنتاج هذا الفيلم بهدف التثقيف – إنه نابع من حبي للأطفال الأبرياء في أية أمة، ولأني أثق أنه يجب التوصل إلى حل قريباً كي يتوقع مسلسل القتل في المنطقة، بدلاً من حل دائم قد يتطلب الوصول إليه آلاف السنوات.

مؤسسة الدوحة للأفلام: من أين يأتي سحر السينما، برأيك، وكيف تؤثر على الثقافات؟
زيد: السينما هي السحر بعينه. إن إطار الصورة هو ملعبك، ومع الكثير من التخطيط تصنع ما يحلو لك فيه. إن الثقافات التي تظهر في الأفلام، باتت تسافر حول العالم وتتخطى الحدود. أعتقد أن فكرة صناعة الأفلام كانت إحدى الخطوات الأولى التي حققت التنوع العالمي والتطور بكل تلك التكنولوجيا التي نراها اليوم.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي تعنيه لك صناعة الأفلام؟
زيد: صناعة الأفلام تجعلني أستمر على قيد الحياة. حين كنت طفلاً، كنت أرى سحراً بعد أن تنطفئ الأضواء في صالة السينما، وهذا ما أريد صناعته.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هو أكثر الأفلام التي تلهمك ولماذا؟
زيد: هناك عدد لا بأس به منها! لست متأكداً إن كانت هناك بعض الأفلام أو مخرجون أثروا في أكثر من غيرهم، لأني من مؤيدي تنوع الأساليب طالما أن الوسيلة هي تلك التقليدية المستخدمة في رواية القصص. مثلاً، استمتعت بفيلم ‘أفاتار‘، لكنه في الحقيقة ليس نوعي المفضل من الأفلام. أحب القصص النابعة من القلب، وأحب المخرجين أمثال ستيفن سبيلبرغ، يوسف شاهين، ماجد ماجدي، جيوسيبي تورناتوري وستانلي كوبريك… وما زلت غير قادر على الشفاء من أفلام بيتر جاكسون!

مؤسسة الدوحة للأفلام: كمخرج شاب، ما الذي لديك لقوله لهؤلاء الذين، على غرارك، شغوفون برواية القصص؟
زيد: ببساطة أقول:

  1. إن كنتم تعتقدون بصدق أن شغفكم هو في رواية القصص وصناعة الأفلام، اتبعوا الخطوتيْن التاليتيْن: وإلا اكتفوا فقد بالاستمتاع بمشاهدة الأفلام!
  2. هذا المجال قاس جداً، والنجاح فيه لا يتحقق سوى بالاصرار الشديد. فلتكن قصصكم نابعة من القلب، ولتكن قصصاً تلمون بها جيداً. كونوا واقعيين ولا تدعوا أحداً يقول لكم إن تحقيقكم لهدفكم هذا مستحيل. ثقوا بأنفسكم وثقوا بأن النقد الاحترافي ضروري من أجل تطوير أنفسكم.

blog comments powered by Disqus