المدوّنة

العودة الى القائمة

لمحة عن مهرجان صاندانس السينمائي

17 يناير 2013

في أقاصي تلال بارك سيتي بولاية يوتاه، يقام مهرجان صاندانس السينمائي الذي عرض أفضل الانتاجات السينمائية وأضخمها طوال الأعوام الأربعين الماضية. فالعديد من الأفلام الكلاسيكية وتلك المعروفة في فئتها مثل خزان الكلاب للمخرج كوينتن تارانتينو، المارياتشي للمخرج روبرت رودريغز، كليركس للمخرج كيفن سميث، أميركان سبلندور للمخرجين شاري سبرينغر بيرمان وروبرت بولتشيني، وجدت طريقها في صندانس وحققت نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر. يبقى الدافع الأصلي للمهرجان تركيز انتباه صناعة الأفلام على يوتاه وعلى الأفلام المستقلة، حيث وجد المزيد من عشاق الأفلام طريقهم إلى هذه البلدة السينمائية الصغيرة.

للترجمة العربية اضغط على

Reservoir Dogs - Trailer

ضمت النسخة الأولى من المهرجان في عام 1978 كافة الأفلام الأميركية التي كانت جزءاً من إعادة عرض صناعة الأفلام في أميركا، مصحوبة بحلقات نقاش وجوائز. في العام التالي، وسّع المهرجان من دائرة برنامجه إلى أكثر من 60 عرض فيلم وحلقات نقاش متنوعة بمشاركة مخرجين معروفين من هوليوود. في عام 1980، انتقل صندانس من حررارة الصيف إلى صقيع ثلوج الشتاء، مقدماً عروضاً وتزلجاً على الثلج ما منحه صبغة مختلفة وهوية فريدة. ارتبط جزء من نجاح المهرجان ونموه بمشاركة رئيس مجلس الإدارة روبرت ردفورد الذي استخدم شهرته لمساعدة المهرجان على اكتساب المزيد من الإهتمام من قبل الإستديوهات والشركات السينمائية وأولئك الباحثين عن أماكن مميزة لعرض أعمالهم. ومنذ تأسيس المهرجان، أعيد تسميته أكثر من مرة، لكن الرؤية المتمثلة في خلق بيئة حيوية للأصوات الصاعدة في السينما الأميركية بقيت ثابتة.

عرض العديد من صانعي الأفلام العرب أفلامهم في صندانس مستخدمين المهرجان منصة دولية لضمان توزيع إنتاجهم في الأسواق المختلفة. عرض فيلم كابتن أبو رائد للمخرج أمين مطالقة في مهرجان صندانس 2008، ليمثل الفيلم الطويل الأول للأردن في الخارج منذ عقود. فاز الفيلم بجائزة الجمهور للسينما العالمية وساعد في تمهيد الطريق للأفلام الناطقة بالعربية لاكتساب توزيع أوسع. ويبدو ان كل نسخة من المهرجان في السنوات القليلة الماضية تضمنت عنصراً من عناصر سرد الروايات العربية، فقد كان فيلم أخي الشيطان لسالي الحسيني جزءاً من قائمة مهرجان صندانس الأخير ليعبر عن أصوات الشباب العرب في شوارع لندن الموبوءة بالعصابات.

Sally El Hosaini’s film 'My Brother the Devil'

من ناحية أخرى، يرتبط معهد صندانس بالمهرجان بدرجة كبيرة، وهو مؤسسة دولية معروفة غير ربحية تلقي الضوء على أعمال صانعي الأفلام الذين يعملون على نشر الأفلام المعاصرة. أما الجزء الفريد في المهرجان فهو توفيره لمساحة إبداعية للفنانين ليستكشفوا اتساع أسلوبهم السينمائي بعيداً عن الضغوط السياسية. دعي أول عشرة صانعي أفلام إلى جبال يوتاه في عام 1981 حيث عملوا مع كتاب ومخرجين رائدين لتطوير وصقل مشاريعهم، وقد وضعت هذه البيئة الإبداعية الفريدة الأساس لمنصات إبداعية في الولايات المتحدة وحول العالم. دعم المعهد منذ تأسيسه أكثر من 300 فيلم من ضمنها هاول ، أمريكا و المحطة المركزية. توسعت الأذرع المختلفة للمعهد لتحتضن كل شيء ابتداءً من البرمجة الأميركية الوطنية وصولاً إلى دعم المؤلفين والمبادرات والعروض الإجتماعية.

video#3

أقام برنامج معهد صندانس للأفلام الوثائقية أيضاً تعاوناً مع الصندوق العربي للفنون والثقافة لتأسيس برنامج الصندوق العربي للأفلام الوثائقية بهدف إدامة القصص الأصلية والقوية من العالم العربي. أقام برنامج معهد صندانس للأفلام الوثائقية حتى الآن جولات عديدة من التمويل نتجت في توفير مبلغ إجمالي يقدر بـ 1 مليون دولار، بالإضافة إلى تصميم وتنفيذ ورشات عمل للحاصلين على منح من العالم العربي.

في 2011، انتقل صندانس من الولايات المتحدة للمرة الأولى حين أعلن روبرت ردفورد بأن مهرجان صندانس السينمائي سيقام في O2 في لندن. بالتأكيد، يعتبر نقل البيئة الفريدة لمهرجان وبرامج صندانس إلى بيئة جديدة كلياً بمثابة تحدّ كبير، بقدر تجذر هوية المهرجان في تلال يوتاه. في المقابل، ساهم تقليل أنشطة المهرجان في جعل عملية الإنتقال هذه أمراً ممكناً. العنصر المميز في صندانس هو النظر الدائم لقيادة المهرجان إلى الامام وسعيها لإشراك جمهور جديد واحتضان تعاون إعلامي متنوع. ويبقى المهرجان الموسيقي الذي يصاحب عروض الأفلام مثالاً واضحاً على طابع المهرجان الهجين والحيوي، حيث يمزج بنجاح انواعاً مختلفة من الفنون لخلق تجربة قوية ومنافسة.

للترجمة العربية اضغط على

Captain Abu Raed - Trailer

إعلان فيلم كابتن أبو رائد

الجزء الآخر من تفرد صندانس هو أنه يفتتح موسم المهرجانات كل يناير ويضبط إيقاع كل المهرجانات السابقة. في 2012، زار حوالي 46731 شخصاً المهرجان ليحضروا مجموعة الأفلام المميزة التي اشتهر صندانس بعرضها. مع أكثر من 10 آلاف فيلم يتقدم للمشاركة في المهرجان كل عام، يعمل المبرمجون على اختيار أفلام ترفيهية وذات جودة عالية لجمهور المهرجان المتنامي. ونتيجة للمشاركة في صندانس، حصلت العديد من الأفلام التي حازت على جوائز على توزيع كبير. من 1985 إلى 1990، فاز 42 فيلماً في المجمل بجوائز صندانس، 14 منها (33%) تم الحصول عليها للتوزيع. من 1999 إلى 2008 فاز 124 فيلماً بجوائز صندانس، 84 (68%) تم الحصول عليها للتوزيع. ضاعف توزيع الأفلام في صندانس فرصة عرض الفيلم مع الحاجة إلى جمهور أوسع لخلق فيلم ناجح ومربح في الوقت نفسه.

DFI co-financed film ‘May In the Summer’ by Cherien Dabis

أصبح مهرجان صندانس السينمائي مرادفاً للسينما المميزة، وغالباً ما تشكل أفلامه النوعية والقوية تجربة سينمائية رائعة. يعود المهرجان هذا العام مرة أخرى بشكله المتألق ليعرض أفلاماً فريدة من ضمنها فيلم أيار في الصيف للمخرجة شيرين دعيبس الذي تشارك مؤسسة الدوحة للأفلام في تمويله. سواء كنت في يوتاه أو لم تكن، يمكنك متابعة المهرجان في بث حي ومباشر ما يتيح لك وللجمهور حول العالم عيش بعض ما يقدمه صندانس من إثارة، باستثناء الإحساس ببرودة الثلج بالتأكيد.

blog comments powered by Disqus