الصحافة

العودة الى القائمة

خبير قمرة جيمس غراي لصنّاع الأفلام الشباب: اعثروا على صوتكم ورؤيتكم الفنية وتحلّوا بالثقة

17 مارس 2021

Download PDF

398 kB

تحميل البي دي أف

  • المخرج وكاتب السيناريو المخضرم الذي شاركت معظم أعماله في مهرجان كان جيمس غراي يستعرض أبرز محطات مشواره السينمائي ويركز على أهمية الرؤى الشخصية والتعبير عن الذات من خلال السينما

الدوحة، قطر، 17 مارس 2021: تُعد مسيرة المخرج الكبير وخبير قمرة جيمس غراي نموذجاً حياً وعملياً على نصائحه التي يقدّمها لصناع الأفلام الشباب، إذ لا يكتفي بسردها بل يطبقها فعلياً في أعماله الفنية التي حصدت الإشادة ومنها “الأوديسة الصغيرة” و“المُهاجر” و“آد أسترا”. وعلى مدار هذا المشوار، استطاع غراي أن يصنع بصمةً مميزة ومتفرّدة في عالم السينما ولم يضع في حسبانه إيرادات شباك التذاكر أو الربح، بل ركز في المقام الأول على صناعة الأفلام التي تحمل له قيماُ كبيرة على المستوى الشخصي.

عُقدت الندوة – والتي تحدّث فيها غراي – عبر الإنترنت ضمن فعاليات قمرة 2021، الملتقى السنوي الذي تعقده مؤسسة الدوحة للأفلام لاحتضان المواهب السينمائية العربية، واختتم غراي الندوة بنصيحة وجهها لصناع الأفلام: “تحّلوا بالثقة فيما تقدّموه من أعمال، إذ ستقابلون مَن هم مستعدون للتشكيك في عملكم. ستستغرق عملية بحثكم وعثوركم على صوتكم ورؤتيكم كصنّاع أفلام لبعض الوقت، لكن عليكم ألا تحاولوا أن تصبحوا نسخة من شخص آخر، فلا أحد يشبهكم وإذا تحليتم بالصدق تجاه خبراتكم وتجاربكم، فإن أعمالهم ستلمس وجدان المشاهدين”.

كانت رحلة جيمس غراي لإيجاد صوته طويلة وليست وليدة اللحظة، إذ لم يستطع الحصول على حرية إبداعية كاملة إلا مع فيلمه الرابع “عاشقان“، حسبما صرّح في حديثه مع مدير الندوة ريتشارد بنيا، مدير البرامج بجمعية الفيلم في مركز لينكولن ومدير مهرجان نيويورك السينمائي في الفترة من 1988 وحتى 2012.

لكن العهد الذي قطعه غراي على نفسه والذي أوفى به على مدار مسيرته ا- لتي أخرج خلالها سبعة أفلام بدءً من فيلم “الأوديسة الصغيرة” عام 1994 ووصولاً إلى عام 2019 مع فيلم “آد آسترا” – فقد تمثّل في صناعة أفلام تحمل دلالات ومعانٍ ورسائل شخصية. وأضاف غراي أن المعدّل السنوي لأعمال أي مخرج لا تعني بالضرورة أن كل أعماله من الطراز الرفيع، قائلاً: “إذا نظرتم إلى بعض صناع الأفلام الذين حازوا على إعجاب الناس، والذين اعتمدوا على تمويل الاستوديوهات السينمائية الكبرى لصناعة أفلامهم، يبقى السؤال هو: كم من أفلامهم يُمكن اعتبارها حقاً أعمالاً عظيمة؟” ووجّه غراي نصيحة لصناع الأفلام الذين حضروا الندوة بالابتعاد عن صناعة الأفلام بدوافع مادية، وإنما تقديم أعمال تعكس أصواتهم رؤاهم بغض النظر عما إذا كانت هذه الأعمال جيدة أم سيئة، مضيفاً: “أفضّل أن أقدّم نفسي وأن أكون مسؤولاً عن جميع العيوب والأخطاء [في الفيلم الذي أقدّمه]”.

وقدّم غراي نصيحة ثمينة للتعامل مع الممثّلين: “إخراج الممثّل هي عملية “سياسية” بطريقة أو بأخرى. فأنت ملزمٌ بأن تغمره بالحب وبرأيي أن تُشعره بأنه لا وجود للقرارات الخاطئة، فإذا كان قد تفاعل وتوّحد مع شخصيته المكتوبة في النص، فكل شيء يفعله في هذه الحالة صائبً وصحيح.”

على مدار مشواره الفني الحافل، عمل غراي مع ممثّلين مخضرمين كان منهم تيم روث وفانيسا ريدغريف خلال صناعته لأول أعماله وعمره لم يتجاوز 23 عاماً، وقد كانت قدرته على استثارة أفضل ما يملكه الممثّل نتاج عملية تعلّم مستمرة. ولكن في المقابل، شكّل غراي جزء وفيراً من ثقافته السينمائية من القراءة والمطالعة ومشاهدة الأفلام وليس فقد الدراسة السينمائية الجامعية على حد تعبيره: “وضعت لنفسي هدفاً بالخروج من المرحلة الجامعية وقد اكتسبت تخصصيّن مختلفين: إنتاج الأفلام بكل ما فيه من تفاصيل دقيقة، والدراسات النقدية في السينما والأدب، وكان ذلك بمشاهدة الأفلام وقراءة كل شيء، وهو ما فتح لي نافذة قيّمة جداً على العالم من حولي. وأعتبر نفسي منحازاً للدراسة الجامعية [دراسة السينما الأكاديمية]، ولكنني أرى أن تعلّم التفاصيل التقنية في صناعة الأفلام ليست بنفس القدر من الأهمية [مقارنةً بالقراءة ومشاهدة الأفلام]”.

وأكد غراي أنه كان محظوظاً بنجاحه بصناعة فيلمه الأول بميزانية منخفضة “في وقت كنت تشعر فيه أن هناك سيولة مالية كبيرة في هوليوود.” كما أضفت مشاركة ممثّلين من أمثال تيم روث وفانيسا ريدغريف روحاً خاصّةً للفيلم. ويرى غراي أيضاً أن الفيلم قد غيّر واقعه بالكامل، على الرغم من أنه لم يحصل على أي مبالغ مالية من عمله فيه، وعن ذلك قال: “كنت أصوّر الفيلم وفي قلبي أشعر بأنني أعظم مخرج في التاريخ، ولكن عندما رأيت النسخة الممنتجة من الفيلم شعرت أنني أشاهد أسوأ فيلم في حياتي. أدركت حينئذ أن مفتاح كل مشهد هو السياق، فالمشهد الذي تقضي 20 دقيقة فقط لتصويره هو الأهم [وليس المشهد الذي تخطّطه حتى أصغر التفاصيل]. وقد تعلّمت مدى صعوبة سرد قصة عاطفية بصورة فنية سامية وجُرح كبريائي في تلك التجربة جرحاً لم يُشفى منه تماماً حتى اليوم.” وقد عاد غراي وقتها إلى غرفة المونتاج لصقل الفيلم الذي فاز لاحقاً بجائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

تطرّق غراي أيضاً إلى الأماكن وديكور مكان التصوير، ونصح صناع الأفلام الشباب أن يركّزوا “حتى درجة الهوس على التفاصيل التاريخية للمكان.” وأضاف أن ذلك ينطبق أيضاً على صياغة الشخصيات مشدّداً أن “تاريخ الشخصية مهمٌّ أيضاً.” يحاول غراي أن يفهم خلفية الممثّلين الذين يعمل معهم ورصيدهم من التدريب الذي حصلوا عليه والذي يريدون اكتسابه. وعن ذلك قال: “وظيفتي هي أن أساعدهم على اكتساب أكبر قدر ممكن من الثقة. حاول أن تُدرك كيف يمكنك فهم الممثّل من أعماقه وكيفية دعمه قلباً وقالباً بدلاً من أن تقلق بشأن تواجدك في موقع التصوير. تعلّم العملية التي يمرّ بها الممثّل، وتذكّر دائماً أن كل ممثّل يجب عليه الاستماع للممثّل الآخر في المشهد”.

واقتبس غراي الروائي الشهير غابريل ماركيز أثناء حديثه عن خصوصية فن سرد القصص، مؤكدّاً أن الشخصيات والأماكن “مفتاحان لتجسيد سريالية اللحظة بصورة صادقة، إذ تسمح الخصوصية بصناعة لحظات روائية ذات مصداقية مزدهرة.” وشدّد غراي على الحاجة “للصرامة والاجتهاد المستمر المتكرّر في السينما، وهو أمرٌ لا ينال حقّه من التقدير، مقارنة بفكرة العبقرية التي يبالغ الناس في توقيرها. إذ أن السينما لم تقم بهذه الطريقة. فكل صناع الأفلام الذين نحبّهم يعتمدون على الآخرين. وهذا التعاون هو كل شيء، ولا بد عليك أن تُنصت جيداً لمن هم حولك”.

وعن إمكانية تقديمه لمسلسل تلفزيوني، قال غراي: “الأمر يختلف، لأن خبرتي تكمن في صناعة عمل يتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، والمسلسل الذي يدوم 8-10 ساعات هو في النهاية وسط مختلف تماماً عن السينما. ولدي تساؤلاتي عن هذا الجانب. إن أكثر ما أحبّه في السينما هو أنها هذه الأداة المؤثّرة والقويّة التي تستطيع أن تدمّرك أو تسحرك. السينما أمر أقرب للحلم المُنهمر الذي لا تستطيع إيقافه أو تجزئته [على العكس من المسلسل الذي يمكنك مشاهدته على هيئة حلقات].”

يمكن للجمهور المشاركة في فعاليات قمرة عبر الإنترنت من خلال شراء بطاقة قمرة التي تتيح لهم فرصة حضور عروض أفلام قمرة وجلساته الحوارية. ويمكن للمواطنين والمقيمين في قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتمنح أولوية قبول الطلبات لمن قدّمها أولاً. يصل سعر بطاقة قمرة إلى 500 ريال قطري، بينما يمكن للطلاب وحاملي بطاقتك إلى الثقافة من هيئة متاحف قطر شراء بطاقة قمرة بسعر مخفض يبلغ 350 ريال قطري.