الصحافة

العودة الى القائمة

خبيرة قمرة جيسيكا هاوسنر تناقش قوّة الصمت والأنماط البصرية المتفرّدة والعمق الذي يُميّز السينما ذات النهايات المفتوحة

18 مارس 2021

Download PDF

399 kB

تحميل البي دي أف

  • المخرجة النمساوية والتي تركز أفلامها على شخصيات نسائية قويّة وجريئة تتحدّث عن شغفها بصياغة أعمال تتسم بالغموض وطرح الأسئلة بدون إجابات وافية

الدوحة، قطر – 18 مارس 2021: في ندوة سينمائية شاركت فيها خبيرة قمرة المخرجة النمساوية المخضرمة جيسيكا هاوسنر – والتي برز اسمها في المشهد السينمائي مع ثاني أفلامها “فندق” الذي عُرض في قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي 2004، تحدّثت المخرجة عن شغفها بصياغة أعمال تتسم بالغموض وطرح الأسئلة بدون إجابات وافية بصورة مقصودة تترك للمشاهدين مساحة للتفكير والتأمل بعيداً عن الأساليب التقليدية لصناعة الأفلام، وهو ما يجعل أعمالها نموذجاً ملهماً لصناع الأفلام الواعدين.

وقد تناولت هاوسنر بحثها الدائم عن الأسئلة في ندوتها السينمائية التي أقيمت ضمن فعاليات قمرة، الملتقى السنوي الذي تعقده مؤسسة الدوحة للأفلام لاحتضان السينما العربية، مشيرة إلى شغفها بالنهايات المفتوحة والقصص غير المتوقعة والأحداث التي تميل إلى الغموض، وهي قواسم مشتركة مع الحياة بحد ذاتها التي لا تخلو من الأسئلة وعلامات الاستفهام. وعلى الرغم من تركيز أعمالها على نقاط ضعف البشر ومخاوفهم، إلا أن العنصر الأساسي الذي يميّزها هو الأسلوب البصري المتفرّد الذي يجعلها أقرب إلى اللوحات الفنية الي لطالما شاهدتها هاوسنر في المتاحف بصحبة والدها رودولف هاوسنر.

وقد استرجعت هاوسنر ذكريات عطلة أمضتها مع والدها في مدريد، حيث شاهدت لوحة أخاذة شجّعتها على تحليل تفاصيلها وأبعادها، إذ اشتملت على عشر قصص في رسمة واحدة دارت أحداثها في ساحة معارك. وعن تأثرها باللوحات الفنية قالت هاوسنر: “أعتقد أن انجذابي لتكوين اللقطات مُستمدً من اللوحات الفنية التي دأبت على مشاهدتها وتأملها في مرحلة الطفولة، فالفن يقدّم رؤية جديدة للواقع وبإمكانه تحويل الأمور العادية إلى أمور ملفتة ومتفرّدة، ولعل أبرز مقوّمات سرد القصص تكمن في تكوين هذه اللقطات والألوان التي تزيّنها”.

على مدار أعمالها، تركز هاوسنر على ازدهار الألوان في إطاراتها السينمائية، ويتجلى ذلك في فيلمها “أمور فو” والذي عرض ضمن قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي 2014 و“فندق“، وقد أشارت هاوسنر أن النقاشات التي كانت تخوضها مع أسرتها حول السينما والفن قد تكون قد لعبت دوراً في إلهامها وبلورة رؤاها السينمائية، خاصةً أن والدها حرص على تعريفها بأعمال إنجمار بيرجمان وآكيرا كوروساوا. وعن ذلك قالت: “كان والدي مولعاً بالعناصر البصرية التي تميزت بها أفلام كوروساوا والذي كان رساماً في بداية مشواره الفني”.

وعن انطلاقتها في عالم السينما، تحدّثت هاوسنر عن تأسيسها لشركة coop99 مع مجموعة من أصدقائها لتمثّل بداية حقيقية لها في هذا المجال مضيفةً: “عندما اتخذت أولى خطواتي في عالم صناعة الأفلام خلال التسعينيّات، لم تكن فيينا تتمتع بصناعة سينما قوية، فقد كانت الأفلام تُصنع – في معظمها – خصيصاً للجمهور النمساوي. لكن فيلم “القارة السابعة” لمايكل هانيكه بمثابة الصدمة التي أحدثت دوياً كبيراً في أوساط السينما النمساوية”. وأضافت هاوسنر أنها سعت منذ البداية إلى تقديم أفلام موّجهة للجمهور الدولي، خاصةً من خلال شركتها التي قالت عنها: “لم نرغب أن تتأثر أيّ من أعمال الشركة بآراء المنتجين الآخرين الذين قد لا يشاركوننا نفس الهدف، ولهذا حرصنا على الحفاظ على أصالة اللغة السينمائية التي كنا نصبو إليها بمعزل عن انطباعات الآخرين”.

وقد توّجهت هاوسنر بنصائح لصناع الأفلام الشباب قائلة: “عليكم أن تمتلكوا لغة سينمائية تميزكم وأن تجدوا طرقاً وأساليب تجعلها تصل إلى المتلقي ليشعر بما تريد إيصاله إليه”. وقد استعرضت هاوسنر تجربتها في فيلم “فندق” – والذي تدور أحداثه حول شابة يتم تعيينها للعمل في أحد الفنادق المهجورة والذي اختفى مالكه في ظروف غامضة – حيث ارتكز الفيلم على طابع بصري أخاذ وركز على جمال الصمت لأسباب قصدتها هاوسنر .وشرحتها قائلة: “دائماً ما تجدون في أفلامي طبقات يغلفها الصمت، ففي فيلم “فندق” على سبيل المثال، كانت الشخصيات الأساسية هي الفتاة وستارة وسلم، ولم يكن بإمكان أي منها أن تنطق أي حوار باستثناء الفتاة. ولطالما انصب اهتمامي على دراسة الأمور التي قد نعتبرها معتادة في حياتنا ونسج بيئة غريبة ومجهولة وغامضة ومدهشة تستقطب اهتمام المتلقي، فإذا توقفت عن الكلام واستمعت لما حولك، فلا شك أنك ستجد أصواتًا غريبة وهذا جزء أساسي مما يلهم مخيلتي”.

ومع كل عمل جديد لها، سعت هاوسنر إلى الاحتفاظ بروح الغموض وحرصها على عدم الكشف عن التفاصيل التي قد يرغب المتلقي بمعرفتها. وعن هذا النمط الإخراجي، تقول هاوسنر: “أعتقد أنه أشبه بالحياة في حد ذاتها، إذ نرغب دائماً كبشر في الكشف عن ألغاز وأسرار كثيرة تصادفنا يومياً لكننا وببساطة لا نصل إلى مفاتيحها، ومن هذا المنطلق فقد حرصت على جعل أفلامي مرآةً تعكس هذا الواقع، وكأنني أوجه رسالة لجمهوري بأنه حتى إن لم يكن على علم بما هو حقيقي أو زائف فإنني أعده بالتفاعل مع ما يشاهده على الشاشة وأن أقدم له وجبة سينمائية مُرضية في نهاية المطاف”.

يمكن للجمهور المشاركة في فعاليات قمرة عبر الإنترنت من خلال شراء بطاقة قمرة التي تتيح لهم فرصة حضور عروض أفلام قمرة وجلساته الحوارية. ويمكن للمواطنين والمقيمين في قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتمنح أولوية قبول الطلبات لمن قدّمها أولاً. يصل سعر بطاقة قمرة إلى 500 ريال قطري، بينما يمكن للطلاب وحاملي بطاقتك إلى الثقافة من هيئة متاحف قطر شراء بطاقة قمرة بسعر مخفض يبلغ 350 ريال قطري.