المدوّنة

العودة الى القائمة

السينما الجزائرية: بين الماضي والحاضر - الجزء الأول

09 نوفمبر 2012

ظلال الماضي

بقلم فريق برمجة الأفلام بمؤسسة الدوحة للأفلام

في خضم حرب التحرير الجزائرية، تجد فلاّحة نفسها وحيدة في بيتها المتواضع الكائن في الجبال. لقد قُتل زوجها في غارة، وقبض الجيش الفرنسي على ابنها الوحيد. ذات يوم، تقرّر الانطلاق في رحلة شاقّة عبر طرقات الريف الوعرة والمهجورة، متنقلةً من مخيّم احتجاز إلى آخر، بحثاً عن ابنها المتهوّر.

ويصوّر فيلم رياح الأوراس في العام 1966 للمخرج محمد لخضر حمينة، الواقع المرير. تبقى الكاميرا قريبة من شخصيته الرئيسية، التي لعبت دورها ببراعة الممثلة كلثوم، إحدى الممثلات القلة اللواتي دخلن عالم السينما قبل الاستقلال. ويضيف ترقّب حمينة في أسلوب إخراجه للمشاهد إلى طريقة وصفه الأكثر مباشرة وتبطيناً في آن، للمعاناة اليومية تحت ظل الاحتلال.

The Winds of the Aures (Le Vent des Aurès)

انتهت حرب التحرير الجزائرية عام 1962 باستشهاد نحو مليون شخص وتهجير مليونين. هذا العام تحتفل الجزائر بالذكرى الخمسين على نيل الجزائر لاستقلالها، والذكرة 47 على قيام الصناعة السينمائية الجزائرية. غير أن تلك الصناعة لا تزال عالقةً في مرحلة الولادة، على الرغم من أنها أنتجت – بدءاً من إنتاجها السينمائي الأول “فجر الملعونين” عام 1965 للمخرج أحمد رشيدي – لحظات قوية جداً وأعمالاً مذهلة. لقد سيطرت عليها فكرة الكفاح والمقاومة، على مستوى المحتوى ومستوى أساسها البنيوي ذاته.

بالطبع يحق لقطاع السينما الجزائرية الشعور بالفخر بفضل مساهمة أول صانعي أفلام أحمد رشيدي ومحمد لخضر حمينة، في ولادة حركة التحرير في الماكي أي الأحراش، بين أوساط المقاومين الذي أصبحوا في ما بعد العمود الفقري للدولة الجزائرية الصاعدة.

وتطور قطاع السينما الجزائرية إلى أشد المدافعين عن السينما الثالثة اليسارية أو سينما المقاومة لتعكس صورة مشرّفة عن شعبها بدلاً من الصورة التي كانت سينما العالم الأول التجارية تحاول رسمها. لقد بذلت جهوداً جبارة لإنشاء بنية سينما قومية عبر برامج التدريب وتأسيس أول أرشيف سينمائي عربي، تضمّن أعمالاً هامة من السينما الافريقية مثل “مخيم نياروي” عام 1988 للمخرج السينغالي عثمان سيمبين، أو منتجةً أحد أكثر المشاهد السينمائية معارضةً للاستعمار، مؤلفاً من أفلام مثل معركة الجزائر عام 1966 للمخرج الايطالي جيليو بونتي كورفو، حيث ظهر فيه المقاومون السابقون. أما أضخم إنتاجاتها فكان جائزة السعفة الذهبية التي حصل عليها فيلم “ذكريات سنوات الجمر” عام 1975 للمخرج محمد لخضر حمينة.

وعلى الرغم من كل تلك الانجازات، خضعت السينما الجزائرية وعلى مرّ الوقت لسيطرة الدولة، وتقهقرت إلى مستوى الآلة الدعائية، مهمّشةً جيل صنّاع أفلام ما بعد الحرب، مما خنق كل المقاربات الطليعية للاجيال القادمة.

مواضيع ذات صلة:

السينما الجزائرية: ما بين الماضي والحاضر – الجزء الثاني
السينما الجزائرية: بين الماضي والحاضر – الجزء الثالث

blog comments powered by Disqus