المدوّنة

العودة الى القائمة

الأساطير العربية في أفلام هوليوود

12 يوليو 2012

بقلم ريم صالح، قسم الويب، مؤسسة الدوحة للأفلام

كثيرة هي قصص ألف ليلة وليلة التي ألهمت هوليوود والسينما الغربية لإنتاج مئات الأفلام. من أين نبدأ؟ علاء الدين، السندباد البحري، شهرزاد وعلي بابا وغيرهم الكثير. والأرجح أن الغرب كان بحاجة إلى الهروب من الواقع إلى مساحة غريبة عنه، يختبر فيها عالم الفانتازيا بكل أشكاله. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أدى هذا الاقتباس إلى إلقاء مزيد من الأضواء على الأساطير الشرق أوسطية، أو هو أضرّ بها وشوّه محتواها الأصلي؟

للاجابة على هذه الأسئلة، تحدثنا إلى الناقد السينمائي ابراهيم العريس، الذي يعمل حالياً في صحيفة الحياة العربية والدولية الرائدة، حول أشهر القصص العربية التي استعارتها هوليوود، منذ عهد السينما الصامتة.

Ibrahim Al Ariss - Film Critic

“نعرف طبعاًأن الأساطير الأشهر التي اقتبستها السينما الهوليوودية وبعض السينمات الغربية الأخرى من المتن التراثي الشرق أوسطي، أتت مأخوذة من حكايات ألف ليلة وليلة، وذلك منذ البدايات الأولى للسينما الصامتة. وبشكل محدد كانت هناك، بداية، التنويعات على حكاية شهرزاد نفسها في علاقتها بشهريار، ثم على حكايات السندباد التي رأى فيها الغربيون تشابهاً مع حكاية أوليس الإغريقي. ثم في المقام التالي كانت هناك تنويعات على حكاية علاء الدين…غير أنه لاحقاً تم “ابتكار” أساطير أخرى أقرب إلى الحس الصحراوي القبائلي، عبر حكايات “كريم ابن الشيخ” التي أدى فيها النجم الساطع رودولف فالنتينو شخصية العاشق المغامر العربي، فالتصقت به إذ حققت له نجاحات مدهشة، جعلت نجوماً كباراً يقلدونه في حكايات مماثلة، مثل دوغلاس فيربانكس و آيرول فلين وتايرون باور. والحقيقة أنه ليس من الممكن إحصاء مئات الأفلام التي انطلقت من تلك البدايات، ولا التنويعات العديدة عليها، حيث لاينبغي لنا أن ننسى ان معظم حكايات المغامرات الصحراوية ومغامرات القراصنة وروايات الحريم والقصور تجد جذورها هناك. بل ان ثمة حكايات تاريخية حقيقية وجدت نفسها تؤسطر ما إن انتقلت الى الشاشة السينمائية، مثلاً لورانس العرب.

حسد أم استشراق؟

لماذا كل هذا الاهتمام؟ هل يرى صناع الأفلام سحراً ما في الشرق الأوسط، يفتقدونه في منطقتهم؟

شرح العريس بأن العنصر الأكثر جاذبية الذي كان في خلفية الإهتمام الهوليوودي وغير الهوليوودي بالحكايات “الأسطورية” الشرقية/العربية، كان البعد الفانتازي والتعبير عن البطولة الفردية والحب الممنوع والمحن التي يتعرض اليها الأبطال في مساعيهم..

ومن المرجح هنا أن السينما انما ورثت هذا الإهتمام عن فنون وآداب أوروبية أخرى كانت قد انطلقت منذ ثلاثة أو أربعة قرون، تجد في الشرق أبعادا خيالية واسطورية فانتازية يفتقر اليها الإنسان الغربي الذي كان – منذ عصر النهضة على الأقل – قد غاص في عقلانية باردة راحت تهتم بواقع الأمور وتقدم عن المجتمعات اهتماما ماديا..

ولنقل إن هذا الإهتمام المادي جوبه أول الأمر بعودة ما إلى الأساطير الغربية نفسها من الأساطير الإغريقية الى الأساطير الآرثرية، غير أن اكتشاف الفرنسي انطوان غالان لألف ليلة وليلة وترجمته لها ثم ترجمة الإنكليزي فيتزجيرالد لتنويعات عليها، احدثا صدمة ايجابية مدهشة امتزجت بسرعة بما كان سائداً من اندهاش امام كل ما هو تركي..

وعلى هذا النحو انطلقت الأعمال الموسيقية الأوبرالية والروائية وحكايات الأطفال واللوحات الفنية تنهل من هذا كله طوال قرنين على الأقل، عمّت خلالهما حتى الأزياء المستوحاة من الشرق( الحقيقي او المتخيّل). وهكذا، حين وجدت السينما كان من الطبيعي لها ان تتلقى هذا كله وتستلهمه مستجيبة إلى إقبال جماهيري مذهل.

الاساءة إلى صورة الشرق الأوسط من خلال الأساطير

من منا لا يذكر فيلم “علاء الدين” الذي أصدرته ديزني عام 1992. تمت دبلجته إلى 20 لغة عالمية، وحظي بنجاح عالمي منقطع النظير (وأحرز 504 مليون دولار). لكن الفيلم لم يعجب كثيرون. فقد انتقد العرب الأميركيون الموسيقى، متهمين الموسيقى في بداية الفيلم بالعنصرية.

وفي العام 1993، حدث ما هو نادر جداً حصوله؛ فقد غيّرت ديزني كلمات أغنية المقدمة، كما هو ظاهر في هذا الفيديو

للترجمة العربية اضغط على

Aladdin Changed Lyrics

كلمات أغنية علاء الدين التي تغيرت

لقد كان هناك طبعاً، إنما بقدر لايهم لا من الناحية الكمية ولا من الناحية النوعية، اساءة استخدام للأساطير الشرقية/العربية في بعض الأفلام، لكني شخصيا لا اعزو هذا الى “تلك المؤامرة” الشهيرة التي لا تفتأ تتحدث عنها أقلام عربية تحب أن ترى أصابع التآمر في كل مكان! بالنسبة إليّ هناك أفلام سخرت من أساطيرنا كما تسخر من الأساطير الأخرى، وهناك أفلام غبية لم تعرف كيف تستفيد من ثراء هذه الأساطير..وأرى أن السينمات العربية لم تقلّ إساءة للأساطير الشرقية عن مثيلاتها الغربية، ولكن غالباً عن حسن نية لا عن سوئها.

أملنا كبير بأن تشهد سينما المنطقة المزيد من القصص العربية الأصلية، لا سيما خلال النهضة التي تشهدها هذه الصناعة مؤخراً. إن الفوارق الثقافية التي لا يلحظها إلا أهل المنطقة، تضيف تفاصيل فريدة من نوعها على الأفلام. وطوال فترة تنظيمنا لـ “أسبوعا الميثولوجيا” في مؤسسة الدوحة للأفلام، التقينا بالكثير من صانعي الأفلام الموهوبين، الذين قد يقودون عملية رواية القصص في المستقبل. وربما يتمكن أحدهم من إنتاج أول فيلم ميثولوجي ضخم في المنطقة.

blog comments powered by Disqus