المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: وحوش البرية الجنوبية

23 أكتوبر 2012

بقلم ريم صالح

الفيلم: وحوش البرية الجنوبية
إخراج: بن زيتلن
بطولة: كوفنزانيه واليس، دوايت هنري ولوفي إيسترلي
مدة العرض: 93 دقيقة

تجد هاشبابي ذات الأعوام الستة، نفسها مضطرة للمحافظة على تماسكها واستقلاليتها في وجه الظروف القاتمة، جراء تدهور صحة والدها، والفياضانات التي يتسبب بها ذوبان الجبال الجليدية، مطلقةً سراح وحوش قديمة. مستقبل مجتمع المستنقع يواجه خطر الزوال في الطبيعة وبسببها.

وتعيش هاش بابي مع والدها القاسي والذي يحتضر وينك (دوايت هنري) في مكان ما في نهاية العالم، في مكان أشبه بأحياء الفقراء اسمه “ذا باث تاب” (حوض الاستحمام). وحين يشعر باقتراب ساعته، يحاول وينك إعداد ابنته الوحيدة لمواجهة الحياة لوحدها، كما يحاول أن ينزع الخوف من قلبها من غضب الطبيعة. غير أن طريقته قاسية تماماً كالتغيرات في المناخ التي سرعان ما ستتكشف لنا.

هاش بابي ليست طفلة عادية؛ إنها تتمتع بالعبقرية برغم صغر سنها، وتدرك فلسفة الحياة أكثر من أي راشد. وبقدر ما تشعر بالأمان بحضور والدها، تدرك أيضاً لماذا يحاول دفعها على الابتعاد عنه، كي يتأكد من كونها قادرة على الاستمرار من دونه. خلال هذه العلاقة المهزوزة التي يحركها الحب، هناك لحظات شاعرية لا يمكن نسيانها.

وتلعب الحكمة البريئة التي تتمتع بها هاش بابي، بالاضافة إلى قوتها الطبيعية دور المحرك الدائم لفضولها. تحاول دائماً تعلم أمور جديدة عن الحياة، فتلتقط أصغر المخلوقات لتستمع إلى دقات قلبها والتواصل معها… فتحس بالحياة تسري في عروقها بعد سماع دقات القلب المنتظمة، بعد أن باتت دقات قلب والدها غير منتظمة.

إنها رحلة فلسفية من وجهة نظر طفلة تواجه ظروفاً حياتية بالغة الصعوبة. لا يعود الزمان والمكان ذوو أهمية؛ إنه مكان يختار فيه البشر أن يتوحدوا مع الطبيعة. بإمكانهم الارتحال إلى مكان تكثر فيه مجاري المياه النظيفة والطعام متوفر بكثرة. لكن لا، ما تقدمه الطبيعية غير ذي قمية كالسر غير المكشوف.

لا يهم كم أكتب عن الأداء المميز وغير المسبوق لكوفينزاني واليس، فهذا لن يفيها حقها. كان عمرها 5 سنوات حين حضرت تجارب الأداء، وكان السن المطلوب هو 6، غير أنها نجحت في التسلل إلى الفيلم. لقد كان تأثيرها قوياً لدرجة أن القيمين غيروا الحوار لكي يتوافق مع شخصيتها الفذة. وهناك تكهنات عن كونها ستكون أصغر مرشحة لنيل جائزة أوسكار لأفضل ممثلة بدور رئيسي.

في هذه الرحلة الشاعرية والمصورة بشكل رائع، هذا الفيلم هو الكمال بعينه، وكوفينزاني واليس هي كالكريمة التي تغلف الكيكة. يقدم لنا الفيلم عناصر قوية ومتناغمة، تضع العالم بكل قوته على كف طفلة بريئة. إنه انعكاس مبدع للحياة كما لم نعد نعرفها، وعمل ضخم مستمر بنيل الجوائز منذ صدوره، ومن المتوقع أن يأجج الكثير من المفاجآن في حفل الأوسكار.

للترجمة العربية اضغط على

Beasts of the Southern Wild - Trailer

إعلان فيلم وحوش البرية الجنوبية

blog comments powered by Disqus