نقد سينمائي: بيكاس
12 ديسمبر 2012

بقلم ريم صالح من مهرجان دبي السينمائي الدولي
الفيلم: بيكاس
العام:2010
إخراج: كرزان قادر
بطولة: زماند طه، سروار فاضل وربوار أمين
مدة العرض: 92 دقيقة
يأخذنا “بيكاس” إلى كردستان العراق خلال عهد صدام حسين، ليروي لنا قصة الصبييْن اليتيمين والمشرّدين: دانا ذو العشرة أعوام وأخوه الأصغر زانا اللذان تبدأ حكايتهما بعد استراقهما النظر إلى فيلم “سوبرمان” عبر نافذة صالة العرض. يتأثر الصبيان بقوة البطل الخارق الذي شاهداه للمرة الأولى، فيقرران السفر إلى أميركا واستدعائه لإنقاذهما من حياتهما البائسة. إنهما لا يمتلكان سوى بعضهما البعض وبغلاً أسمياه “مايكل جاكسون”.
وكوسيلة لكسب الرزق، يعمل الصبيان اللذان لا يفترقان في مسح الأحذية، والسقف الوحيد الذي ينامان تحته هو السماء الواسعة. ويعتمد الصبيان على إحسان الغرباء وهما متعلقان برجل ضرير يعتبرانه في مكانة والدهما المتوفي. حتى أن زانا في أحد المشاهد لا يقدر أن يكبح جماح عرفانه بالجميل، فيقول له: “أحب حين تدعوني بـ “بني”“.
لكن الحياة في ظل هذه الظروف الصعبة، وفي بلد تعتمل فيه الحروب، هي أشبه بخوض معركة يومية بالنسبة للصبييْن؛ فعلى الرغم من أن تلك الظروف ترغمهما على تحمّل مسؤوليات كبيرة في سن مبكرة، فإن البراءة لم تخبُ فيهما أبداً، وبقيا طفلان مرحان، في بحث دائم عن الأمل وأعجوبة تخرجهما من واقعهما البائس. لذلك يصبح سوبرمان رمزاً لخلاصهما، فيشتريان بغلاً بالمال الشحيح الذي يتمكنان من ادخاره. هذا البغل يحمل علامة “بي أم دبليو” ملصقة على جبينه، يرتحلان على متنه أملاً بالوصول إلى أميركا في غضون أيام معدودات. وكما هو متوقع، لا يسير سفرهما كما هو متأمل، إنما يؤدي بهما إلى الأماكن الخفية التي يعيش فيها المهربون، ومواجهة شحة المال وحقول الألغام.
ومن البديهي أنه حين يلعب طفلان ضعيفان ومشرّدان بطولة هذا النوع من الأفلام، نتوقع تلقائياً ربما حكاية ميلودرامية تدفعنا إلى ذرف الدموع. لقد سافر البطلان الصغيران من كردستان للمرة الأولى في حياتهما لحضور العرض الأول للفيلم في العالم العربي، بمهرجان دبي السينمائي الدولي. أخبرنا بذلك المخرج قبيل بدء العرض، مما زاد في عامل التأثّر الذي لم يخبُ للحظة طوال مدة الفيلم.
تركيز الفيلم يتشتت أثناء محاولته لإبراز كل الظروف التي عاشت كردستان تحت وطأتها في فترة التسعينات، مما يؤدي إلى عدم اكتمال تطوير بعض العناصر وأصداء ديكتاتورية صدام. ويجدر القول إن الاطار التاريخي يرفع من حدة وتشويق المغامرة التي يعيشها الصبيان، لكن ذلك لا يعني أنه يتكشّف عن أي موقف سياسي كان أو غيره. واللافت أن قوة الفيلم تكمن في الأداء الرائع الذي قدّمه الصبيان، فيخفي بذلك كل ثغرات السيناريو، وينقلنا في رحلة مشوّقة تزخم بمشاعر المرارة.
ويرسم المخرج صورتيْن معبّرتيْن للصبييْن اللذيْن تربطهما علاقة الأخوة والصداقة، وفوق كل ذلك، مشاعر الحب صادقة؛ فالطريقة التي يعتنيان فيها ببعضهما البعض مؤثرة جداً. ويبقى سوبرمان أكثر ما يرمز لرجاء مستحيل من هذا البلد؛ وهو ما يعبّر عنه الصبي زانا سائلاً “هل سوبرمان أقوى من صدام حسين؟”.
في الحقيقة، “بيكاس” هو رحلة مؤثرة، ستعتمل في صدر المشاهد لفترة طويلة – فلقد ذرف الممثلون الدموع بعد الانتهاء من عرض الفيلم. أما زامند طه و سروار فاضل فقد تلقيا التهنئة كنجميْن لامعيْن، ودخلا بسهولة إلى قلوب جميع من في الصالة، مكتملة العدد.
Bekas - Trailer
إعلان فيلم بيكاس