نقد سينمائي: حياة باي
10 ديسمبر 2012

بقلم ريم صالح من مهرجان دبي السينمائي الدولي
الفيلم: حياة باي
العام: 2012
إخراج: أنغ لي
بطولة: سراج شارما، عرفان خان وعادل حسين
مدة العرض: 127 دقيقة
افتتح مهرجان دبي السينمائي الدولي التاسع بالعرض الأول في الشرق الأوسط لفيلم “حياة باي” للمخرج أنغ لي بحضور العديد من الممثلين الموهوبين الذين شاركوا في الفيلم.
“ماذا ترى؟” هي الحملة الاعلانية التي تطبع مهرجان هذا العام، والتي تنصّ على اختبار رورشاخ ولطخة الحبر – وهو نوع من اختبارات الشخصية التي يستخدمها علم النفس في تحليل عمل الوظائف العاطفية. وقد عمدت إدارة المهرجان إلى التعاون مع الطبيب النفسي الشرعي رايموند هامدن، ومعهد الموارد البشرية في دبي، لتطوير هذه المقاربة الذكية وإنتاج صور تحمل رسومات حبرية يتم توزيعها على روّاد المهرجان، ترتبط بالعديد من الأفلام المشاركة. وهناك اختبار صغير يساعد الزائر على تحديد الأفلام التي يجب مشاهدتها، وفقاً لملامحه النفسية.
افتتح المهرجان أمس باحتفال أخرجه محمد سعيد حارب مبتكر مسلسل فريج عاش بفضله الجمهور تجربةً بصرية مبهرة، تمحورت حول سحر السينما والأفلام.

(L-R) Adil Hussain, Suraj Sharma and Shravanthi Sainath at MENA premiere of 'Life of Pi' at DIFF 2012
أما خيار افتتاح المهرجان بفيلم “حياة باي” فهو نابع أيضاً من فكرة المنظور الفردي ووجهة النظر التي ينفرد بها كل إنسان، والتي أولاها مهرجان هذا العام أهمية خاصة كما هو واضح. ويروي هذا الفيلم المقتبس عن رواية لـ يان مارتيل تحمل العنوان ذاته، قصة الرحلة التي خاضها الصبي باي باتيل (سراج شارما) ومعركة البقاء على قيد الحياة في قارب صغير تائه في البحر، لا يرافقه سوى نمر بنغالي.
تبدأ القصة حين يقوم كاتب (راف سبال) يبحث عن فكرة لرواية بزيارة باي (عرفان خان) كي يسمع قصته المدهشة عن مغامرته التي خاضها “وتجعلك تؤمن بالله”. ويستعيد باي ذكريات طفولته في الهند حين كان يهتم بحديقة حيوانات مع والده، حتى اليوم الذي قررت فيه عائلته الهجرة إلى كنده. تتسبّب عاصفة هوجاء بإغراق السفينة التي يسافرون على متنها، ويجد باي نفسه وحيداً على متن قارب نجاة مع الحيوان المفترس والجائع. ويتمكن باي من صنع عوامة تبقي بينه وبين النمر بعض المسافة. ثم تصبح علاقتهما هي جوهر الحكاية، ففي هذا المكان النائي، لا يملكان إلا بعضهما بعضاً.
يتخطّى الفيلم الذي أخرجه لي، مدعوماً بتقنية الأبعاد الثلاثية، فكرة غريزة البقاء، ليتحوّل إلى ما يشبه القصيدة البصرية. وكي أوضح لكم أكثر، كل ما يتم تصويره في الفيلم نابع من أفكار باي الخاصة ونظرته للأمور؛ فعلى سبيل المثال، تجعله الصور المنعكسة على صفحة المياه يرى السباحة وكأنها طيران بين الغيوم. ويعطي الاستخدام المتكرّر لتأثير الانعكاس بعداً روحانياً لهذه الرحلة. ويصبح الفيلم وكأنه رؤية حالمة لظروف الطبيعة القاسية التي يراها باي وكأنها أعمال فنية نادرة. وأبرز مثال على هذه الجمالية المحضة، مشهد السمك الطائر الذي يملأ قارب النجاة بطريقة عجائبية، تماماً حين ينفذ الطعام، وعظمة العاصفة المدمّرة تحوم في الأجواء.
وتنقلنا طريقة التصوير بعيداً عن الواقع من خلال التشديد على ألوان المَشاهد، والتي ترفع بدورها من درجة سحر الفيلم. ويبدو هذا العمل من نواحٍ عديدة، شبيهاً بكتاب صور، لا سيما أنه يغرق في التركيز عليها، متسبباً بذلك بطمس بعض الأحاسيس الضرورية. أما أبرز ما جاء في الفيلم فهو القراءة الشخصية لفلسفة الحياة، بدلاً من قراءة المشاعر التي تعكسها هذه الفلسفة. أنصح بشدة جميع الحالمين بمشاهدته.
إذا شاهدتم الفيلم، نود أن نعلم: ماذا رأيتم؟
Life of Pi - Trailer
إعلان فيلم "حياة باي"