المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: بانز لابيرنث (متاهة بان) 2006

21 أغسطس 2011

الفيلم: بانز لابيرينث (متاهة بان)
العام: 2006
إخراج: غيليرمو دل تورو
بطولة: إيفالفانا، أريادنا جيل وسيرجي لوبيز
النوع: دراما، فنتازيا، غموض

فيلم بانز لابيرينث (متاهة بان) هو تصوير رقيق وصادق ونقي للبشرية، يترجم رموز البراءة إلى عالم رائع من الخيال.

تدور أحداث هذا الفيلم في إسبانيا أثناء ثورة 1944، حيث تضطر فتاة صغيرة اسمها أوفيليا ووالدتها الحامل إلى مغادرة المدينة والهرب إلى الغابات برفقة زوج والدتها السيء. وتكره بان الواقع المظلم الذي تعيش فيه، والطريقة القاسية التي يعاملها بها زوج والدتها. تلتقي في أحد الأيام جنية تقودها إلى متاهة مهجورة، ومن هناك تبدأ القصة السحرية.

في هذا الفيلم تصوير رائع لزوايا الفيلم الأربعة، بدءاً من الحبكة ووصولاً إلى الصور والموسيقى.
يبدأ الفيلم بصورة عامة وواسعة تشمل الحديث عن الثورة، تضيق لتصل إلى قصة أوفيليا؛ ثم تتوالى فصول القصة ببراعة.

أما سرعة هذا الفيلم فهي هادئة مما يسمح للمشاهد بإدراك أصغر الاشارات فيه. كما أن مشاهد الشخصيات مكتوبة بشكل متقن، وقصص تاريخ كل من الشخصيات محللة بعمق ويبدو بوضوح أن المؤلف كان يدرك خلفياتها جيداً. فمشاعرها واضحة وغير مبالغ فيها.

وأشير إلى أن التمثيل رائع في هذا الفيلم، فقد بدا جيداً أن الممثلين تشرّبوا في داخلهم الشخصيات التي لعبوا أدوارها من الناحية العاطفية والنفسية والسلوكية؛ لا سيما شخصيتا أوفيليا ومرسيدس الخادمة.

وقد نجحت إيفانا باكيرو التي تلعب دور أوفيليا في أن تجعلنا نصدق أداءها ونرى العالم الآخر الذي تعيش فيه من خلال عينيها. إن إدراكها مدهش للرحلة العاطفية للشخصية التي تؤديها. بالاضافة إلى ذلك، إدراكها لسرعة المشهد، والتقنية المستخدمة بين الممثل والشاشة الخضراء كانا مؤثرين على حد سواء. لقد كانت على دراية تامة بالأداء الذي يليق بسنّها: لا أكبر ولا أصغر. أما ماريبيل فيردو التي تلعب دور الخادمة مرسيدس، فهي تجعلنا نشعر بأنها خادمة من حقبة الأربعينات. هي لم تمثّل الدور، بل درسته جيداً، وشعرت به، وعاشته.

كما أني أعجبت إعجاباً شديداً بأسلوب المخرج غيليرمو دل تورو في تصوير إله الغابة في هذه القصة. ففي العادة ووفقاً للأساطير العالمية، يبدو إله الغابة مخلوق مخيف وشرير، لكن في هذا الفيلم، جعلنا المخرج نشعر بالأمان في وجوده. أما التقنيات الفنية في الفيلم فهي تبدو حقيقية إلى حد بعيد وفريدة من نوعها، لا سيما مع تلوين المشاهد بلون واقعي وحّد العالميْن وحدود أوفيليا الخيالية.

وقد أدى خافيير نافاريتي عملاً رائعاً في فهم أجواء الفيلم وتأليف موسيقى رائعة تليق به. فحين نستمع للموسيقى، نعرف أحداث القصة قبل أن نشاهد الفيلم. فيها نعثر على روح أوفيليا وعالمها المحيط بنا.

أكثر ما أثّر بي في هذا الفيلم هو البراءة الفائقة في الهدف الذي تسمو إليه أوفيليا، والعبرة الفلسفية وراء القصة. فقد ابتكرت عالماً خيالياً لنفسها. عالم ليس فيه كذب ولا ألم، تحرق شمسه خوفها وتمحو الحزن من ذكراياتها؛ كما أنه عالم تعم فيه العدالة وطيبة القلب. تبقى آثار من أوفيليا في قلوب كل من شاهد الفيلم، لكنها ظاهرة فقط لمن يعلمون أين يبحثون.

للترجمة العربية اضغط على

Pan’s Labyrinth Trailer

إعلان فيلم بانز لابيرينث (متاهة بان)

blog comments powered by Disqus