المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: رابيت هول (جحر الأرنب) (2010)

04 أغسطس 2011

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: جحر الأرنب
العام:2010
إخراج: جون كاميرون ميتشل
بطولة: نيكول كيدمان، آرون أكهارت ودايان ويست
النوع: دراما

هاوي (آرون إكهارت) وبيكا (نيكول كيدمان) يعيشان حياةً زوجية مثالية في ضواحي المدينة، حتى يفقدان ابنهما البالغ من العمر أربع سنوات. بعد ثمانية شهور، يجد كل منهما طريقة لمواجهة الحزن، مما يؤثر على مستقبل الزوجيْن والأشخاص الذين يحيطون بهما.
هذا السيناريو اقتبسه دايفيد ليندساي آبير من مسرحية ألفها عام 2005 بنفس العنوان. وهذا الفيلم ذو الطابع الحميم، يبحث في أعماق زوجيْن يحاولان جاهديْن استعادة حياتهما سوياً، من خلال اعتماد أشكال مختلفة للحزن بعد أن فقدا أغلى ما يملكان. فتأتي النتائج مذهلة؛ إنه نص سينمائي محكم، يقابله تمثيل متقن. وبغض النظر عن مضمونه الحزين، لا يتطور الفيلم ليصبح ميلودرمياً. بل بالعكس، إنه حقيقي لدرجة أنه يصبح مضحكاً في بعض المرات.

وترفض بيكا المشاركة في أية نشاطات اجتماعية، كما أنها تكره فرق العلاجات الجماعية لأنها تحتوي على “الكثير من الكلام عن الله“، الله نفسه- على حد تعبيرها- الذي دمّر حياتها ويوجه الصفعات للناس دون سبب مقنع. فقامت ببناء جدار من رفض الحادث الذي أودى بحياة ابنها، عبر طمس كل ذكرى عن ولدها، كما لو أن محو صورته سوف يشفي حزنها.

من ناحية أخرى، تتعارض تصرفات هاوي المتناقضة مع تصرفات زوجته. فبينما هي تقوم بمحو ذكريات الماضي، يغرق هو نفسه في تلك الذكرايات. فيشاهد بشكل مستمر أفلام الفيديو عن ابنه، ويبحث عن ملجأ له من خلال اتباع النشاطات الروتينية السابقة مع الأصدقاء أم مع امرأة أخرى (ساندرا أو). ليس ذلك فقط، إنما يفصح عن رغبته في طفل آخر، مثيراً جنون زوجته التي ترفض الموافقة على هذا الطلب في تلك المرحلة من حياتهما.
هذا التصادم بينهما يبعد الزوجيْن عن بعضهما البعض في البداية، لكنه في النهاية يلفت نظرهما إلى ضرورة التحرك السريع لوقف هذا التدهور في العلاقة. ويُدق ناقوس الخطر، بعد أن باتت بيكا تقابل بشكل سري المراهق المسؤول عن مقتل ابنها، باحثةً عن شيء من الأسف في عينيْه، ومطلقةً العنان لشكوكها بخصوص الحياة. بينما هاوي يفكر في الدخول في علاقة مع امرأة أخرى.

غير أن هذه الصدامات لا تقتصر على الزوجيْن فحسب، إنما تمتد لتؤثر على عائلة بيكا أيضاً. فهي تتصرف بعدائية شديدة تجاه والدتها (دايان ويست) التي تحاول جاهدةً المساعدة، وتحقد على حمل أختها (تامي بلانشارد) إلى درجة هوسها به. إنها تعتقد أن اختها لا تتمتع بحس المسؤولية ولا تستحق أن تصبح أماً. بعبارة أخرى، تصرخ بيكا متألمة بالطريقة الوحيدة التي تقدر عليها، آملةً أن يتمكن أحدهم من فهمها.

إنه فيلم رائع عن الواقع القاسي للحداد والشعور بالحزن، مكتوب بشكل متقن وممثّل بشكل رائع- ولا أعني بذلك فقط نيكول كيدمان التي نالت جائزة أوسكار عن دورها فيه – بل أعني فريق الممثلين بأكمله. في هذا الفيلم، يلقي الضوء على ما يجول داخل أرواح الشخصيات، كتحية لكل أولئك الذين خسروا أحباء لهم. إنه أشبه يتحقيق واقعي حول ما يمكن أن يؤدي إليه الحزن إذا سار في اتجاه عدائي. فالحياة تستمر، وهذا قرار شخصي يتخذه الانسان.

يحاول هذا الفيلم أن يؤكد أن كل شيء يقع أخيراً في دائرة النسيان، في “جحر أرنب”. وفيه الكثير من الأمل والحب والحميمية والفكاهة، وأنا أنصح بشدة بمشاهدته.

للترجمة العربية اضغط على

Rabbit Hole - Trailer

blog comments powered by Disqus