نقد سينمائي: توب هات (1935)
17 يوليو 2011

بقلم جايمس روسن، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام_
الفيلم: توب هات
العام: 1935
إخراج: مارك ساندريك
بطولة: جينجر رودجرز، فريد أستير، أدوارد أفريت هورتون
النوع: كوميديا، غنائي، رومانسية
في 16 يوليو 1911، جاءت النجمة التي نعرفها باسم جينجر رودجرز وكأنها ترقص التاب دانس(الرقص بالأرجل) متلمسةً طريقها إلى هذا العالم. ثم مضت مستمتعةً بحياة فنية حافلة، امتدت زهاء ستين عاماً أنجزت خلالها 73 فيلماً، وفازت بجائزة أوسكار، وأصبحت واحدة من أكثر الفنانات الأسطوريات المحبوبات في تاريخ البشرية.
تذوقت رودجرز طعم الشهرة وهي ما زالت في سن المراهقة كراقصة في برودواي، بعد أن لفتت أنظار هوليوود وانتقلت للعيش في الساحل الغربي عام 1930. ومن هناك، بدأ العصر الذهبي لمسيرتها الفنية: الثنائي الذي شكلته مع فريد أستير على الشاشة. وبين العام 1933 و1939، أنجزا سويةً تسعة أفلام غنائية (بالاضافة إلى فيلم غنائي آخر عام 1949)، اشتهرت لجمال أغانيها ووصلات الرقص فيها. تم إنتاج هذه الأفلام في عصر هوليوود الذهبي، حين كانت أميركا تنوء تحت وطأة الركود الاقتصادي، فتحوّل الأميركيون إلى دور السينما منشدين نوعاً من الهروب والراحة من تداعيات الأزمة. وقد أثبت هذا النوع من السينما الذي تميّز ببعث الشعور بالراحة والاسترخاء وروفع المعنويات، والذي ابتكره ثنائي الشاشة، الذي سيعرف دائماً بـ ‘فريد وجنجر‘، بأنه شكل لحظات فارقة في حياتهما الفنية.
ودون شك، أبرز الأفلام التي تعاونا فيها كان فيلم ‘توب هات’ الذي صدر عام 1935، وفيه مثّلت رودجرز دور سيدة المجتمع الثرية دايل تريمونت، ومثّل أستير دور الفنان جيري ترافرس. فحين تصحو دايل من نومها على صوت الرقص بالأرجل لجيري في غرفة الفندق الواقعة فوق غرفتها، تخرج من غرفتها مهتاجة لتعترض على هذا الازعاج. ويُسحر جيري بدايل، لكنها تلجأ إلى المماطلة. ولإضافة المزيد من التعقيدات، تعتقد دايل خطأً بأن جيري رجل متزوج (لكنه أعزب)، فتستنتج أنه يسعى وراء علاقة غرامية خارج إطار زواجه. أضيفوا إلى هذا التعقيد عاشق دايل الغيور- والسخيف – بيديني (الذي من أشهر أقواله “القبلة للمرأة – والسيف للرجل”)، إلى جانب المساعد تعيس الحظ لجيري هوراس هاردويك (الذي يلعب دوره الممثل اللامع أبداً ادوارد أفريت هورتون)، فيتكوّن لديكم مخزون هائل من الكوميديا القائمة على الاعتقادات الخاطئة، والتي تأخذهم عبر لندن والبندقية، ليكتشفوا في النهاية الحقيقة وينتهي الفيلم برقصة للثنائي السعيد.
ويجدر القول إن موسيقى البداية التي ألفها أرفينغ برلين خصيصاً لهذا الفيلم، تلعب دوراً كبيراً في نجاح هذا الفيلم. كما أصبحت الأغنيات الباقية ‘توب هات أند تايلز‘، و‘إزنت ذيس أ لوفلي داي’ و‘تشيك تو تشيك’ في عداد الأغنيات الكلاسيكية. أما الفستان الرائع الذي لبتسه رودجرز في مشهد أغنية ‘تشيك تو تشيك’ صممته هي بنفسها، وإذا حدقتم جيداً، بإمكانكم رؤية ريش نعام يتطاير وراءها في منتصف الرقصة، مما أزعج أستير بشكل واضح. وبينما يقول البعض إن رقصة أغنية ‘سوينغ تايم’ هي أفضل رقصة جاءت في الفيلم (وقد أميل لموافقتهم الرأي)، لم تبلغ الجاذبية ما بين أبطالنا مبلغها أكثر مما بلغته في هذا المشهد. وأصبح فيلم ‘توب هات’ ثاني أنجح فيلم عام 1935، وأنجح فيلم في حياة رودجرز الفنية.
وتابعت مسيرة رودجرز الفنية بالتفتح والازدهار في الأربعينات والخمسينات، واتجهت أكثر نحو التمثيل الكوميدي، بالأسلوب الذي كان سائداً في ذلك العصر (‘مانكي بزنس’ مع كاري غرانت ومارلين مونرو هو أبرزها). وعقب الخمسينيات، ومع انتشار تأثير المخرجين الأوروبيين واكتساب الجمهور ميلاً أكبر للأفلام الأكثر سوداوية، لم تتمكن رودجرز من أن تجد لها مكاناً في هوليوود. وفي العام 1965، وحين كانت تعمل في فيلمها الأخير ‘هارلو‘، قالت: “لقد صنعنا أفلاماً سعيدة استمتع بها الناس كثيراً، ليس كأفلام هذه الأيام التي تعرضهم للصدمة لدى رؤيتها”.
لقد كانت محقةً بالتأكيد بأن دور السينما تغيّر، وأن نوع الأفلام التي أنجزتها في أيامها لن تعود أبداً إلى الظهور. مهما يكن، لحسن الحظ، تتوفر أفلامها بشكل كبير أمامنا، وهي مستمرة بالحصول على معجبين جدد طوال الوقت. عيد ميلاد سعيد جينجر!
A dance clip from the movie 'Top Hat'
مقطع راقص من فيلم 'توب هات'