المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: آسيا داغر

06 مارس 2012

مؤسسة الدوحة للأفلام: أخبرينا قليلاً عن المنتجة اللبنانية آسيا داغر.
غندور: إنها دون شك رائدة من رواد السينما العربية في القرن الماضي. اسمها الحقيقي هو ألماظة داغر. ولدت عام 1908، في تنورين، لبنان.

عام 1919، بعد اندلاع الثورة على الاحتلال البريطاني للسودان ومصر، جذبت مصر الكثير من المفكرين والمثقفين الذين تركوا لبنان بسبب الاستعمار الفرنسي. انتقلت آسيا داغر إلى هناك برفقة عمها.

مثّلت للمرة الأولى عام 1926 في فيلم “ليلى“، من إخراج وداد عرفي. وكانت داغر السورية الأولى (كان لبنان حينها جزءاً من سوريا الكبرى) التي تمثل على الشاشة الكبيرة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل بإمكانك أن تعطينا لمحة عن عمل داغر كمنتجة وممثلة في السينما المصرية؟
غندور: فشلت تماماً كممثلة لأنها كانت تبالغ كثيراً في أدائها، وكانت لهجتها مطعّمة باللكنة اللبنانية. لكنها بالتأكيد سيدة السينما الراقية على مدى نصف قرن. وفي مرحلة معينة من مسيرتها الفنية، أسّست الثلاثي “لوتس للأفلام” الذي ضمّ المخرج أحمد جلال والممثلة والمخرجة ماري كيني.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل كان هناك منتجات سينمائيات غيرها في ذلك الزمن؟
غندور: أجل، كانت هناك عزيزة أمير في الحقبة ذاتها، وكانت أول من أنتجت فيلماً، وكانت هناك الممثلة والكاتبة السينمائية والمخرجة والمؤلفة الموسيقية بهيجة حافظ، بالاضافة إلى فاطمة رشدي. لكن ما ميّز داغر هو ذكاؤها الفذّ والجهد الكبير الذي كانت تبذله في سبيل عملها. كانت تعمل لمدة 19 و20 ساعة يومياً دون توقف. والغريب أنها كانت شبه أمّية، وكانت تحفظ كل النصوص. وعلى الرغم من ذلك، تمكنت من متابعة أصغر التفاصيل، وكانت تتنبّه فوراً حين كان يخرج المخرج عن النص. ماري كيني كانت تقرأ نصوصها، أما داغر فكانت تحفظها عن ظهر قلب.

كما أنها كانت تحب المغامرة والمخاطرة. إنها المنتجة الأولى التي صنعت فيلم خيال علمي تحت عنوان “عيون ساحرة” عام 1934، من إخراج أحمد جلال. كما أنتجت الفيلم التاريخي “شجرة الدر” عام 1935. لقد تناولت جميع الأنواع السينمائية خلال مسيرتها الفنية. أنتجت أيضاً الفيلم الأول الذي جرت أحداثه كافةً في الشارع، والذي تساوت مدة تصويره مع مدة عرضه، واسمه “حياة أو موت”.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الصعوبات التي واجهت داغر؟
غندور: كانوا يتبعون النموذج الهوليوودي في ذلك الزمان، لكن لم تتوفر الأدوات اللازمة. لم يكن هناك منتجون ولا توزيع، ولا كتاب نصوص… ولا حتى ممثلون. لذا، كانوا يجمعون الأصدقاء وأفراد العائلة من أجل إنجاز الأفلام، وكما قالت لي ماري كيني مرة، كانوا ينشرون أشرطة الفيديو على الأسطح لكي تجف.

ومن العام 1928 وحتى آخر أفلامها عام 1972 “الشيطان والخريف“، كانت داغر قد أنجزت 49 فيلماً. شهدت الاضطرابات السياسية والحروب، وقد عكست أفلامها آراءها السياسية، كما في فيلم “صلاح الدين” الذي أنجزته تحيةً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أخبرينا قليلاً عن حياة داغر الشخصية. هل كانت متزوجة؟ هل من أولاد؟
غندور: كانت متزوجة من رجل يدعى جورج سركيس، ولديها منه ابنة اسمها هيلينا. لكنها حين بدأت العمل في المجال السينمائي، لم تفصح أبداً عن أبناء لها. غيرت اسم ابنتها إلى منى، وأعلنت أنها تبنّتها. ولقد أساء ذلك إلى ابنتها المسكينة التي ظهرت في معظم أفلامها. ويعود سبب قيامها بذلك إلى العرف السائد حينها، بأن الممثلات لا يجب أن يكون لديهن أولاد.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل بإمكانك أن تعدّدي اكتشافاتها في عالم الاخراج والتمثيل؟
غندور: اللائحة تطول. من هذه الأسماء: المخرج والكاتب السينمائي والممثل أحمد جلال، ماري كيني، نجمة الأربعينات ويوسف شاهين. منحته فرصته الكبرى في فيلم “ناصر صلاح الدين”. أما بالنسبة للممثلات، اكتشفت صباح والممثل الكبير عبدالسلام النابلسي. قدمت إلى الممثلة الأسطورية فاتن حمامة أهم أدوارها. لقد كانت تملك موهبة نادرة في تحقيق الأرباح وتقديم أفلام نوعية في الوقت ذاته، وهي رهافة فنية لم تفرّط فيها من أجل المال.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الأفلام الثلاثة التي تنصحين بها، من مجموعة أفلامها؟
غندور: “رد قلبي” عام 1958
“الناصر صلاح الدين” عام 1963
“يوميات في الأرياف” عام 1969

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف ساهمت في السينما العربية؟
غندور: برأيي، لم تكن السينما لتوجد لولاها. أعلم أن هذا قد يبدو مستهجناً، لكن كل المخرجين الكبار وبعض الممثلين هم من اكتشاف آسيا داغر.

blog comments powered by Disqus