المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: فردوس بلبلية

23 نوفمبر 2011

فردوس بلبلية هي مخرجة، منتجة وكاتبة ومدرّبة. استخدمت المسرح والفن في بدايتها، للتعبير عن تضامنها مع منظمات المرأة والطفل، لا سيما أن هذه المواطنة الجنوب إفريقية كانت ناشطة في مجال حقوق الانسان تسعى لأن يخدم إبداعها السلام العالمي. عملت على الكثير من المشاريع التطويرية، والورشات الخاصة بحقوق الطفل. ساهمت في تأسيس ميثاق أفريقيا الجنوبية حول حقوق الطفل ومثّلت أفريقيا في مؤتمرات عالمية حول حقوق الانسان.

وبعد أن تحوّل عملها إلى التلفزيون، حاولت بلبلية التركيز على أفكار كالتطوير والتمكين في إنتاجاتها. تكرّس جهودها، بلا هوادة، على إحلال الانسجام في المجتمعات وتمتين العلاقات بين البشر، كما تمضي وقتها محاولةً توعية الجنوب إفريقيين على مدى ثراء قارتهم. وبعملها هذا، تسعى أيضاً إلى تحسين المستوى العام لكل ما يختص بمجال الترفيه. وبالنسبة لبلبلية متعددة المواهب، الوحدة الافريقية تعني كل شيء. هي تتبنى روح النهضة الافريقية، لذلك فهي تشارك في مبادرات مختصة بتوحيد، وتدريب، وتمكين المنتجين الأفارقة لبرامج الأطفال، لا سيما النساء العاملات في هذا المجال. في مارس 2010، أطلقت محطة ABC، وهي قناة للأطفال خاصة بالقارة الأفريقية، مقرّها نيجيريا، وتترأس حالياً المركز الدولي لأفلام الأطفال والناشئة.

تشهد أفلامها الفائزة بجوائز “حرب أفريقيا ضد الايدز” (Africa’s Fight against HIV-AIDS) و“أصدقاء المراسلة الأفريقيين” (African Pen Pals) على الجهود التي تبذلها في سبيل شغفها السينمائي.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كناشطة في مجال تطوير المرأة والطفل، استخدمتي المسرح والاعلام كوسائل للتعبير. هل تؤمنين حقاً أن الفن يمكن أن يساهم في التغيير؟
فردوس: بالتأكيد، يمكن للفن أن يساهم في إحداث التغيير، فالموسيقى والرقص والشعر والمسرح كلها فنون تملك القدرة على تحريك خيال الجمهور. ويمكن لأشكال التواصل هذه أن توفر مقاربة بديلة عن تلك الأكاديمية أو التعليمية للقضايا. في زمن التمييز العنصري، استخدمنا المسرح المعارض كوسيلة لإلقاء الضوء على القضايا السياسية.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أنتِ مخرجة ومنتجة أيضاً. أين تجدين نفسكِ أكثر؟
فردوس: أستمتع بعملي كمخرجة مسرحية. أحب الفورية في هذا النوع من الاخراج. فهي تضعكِ في اتصال مباشر مع الجمهور حيث لا تملكين سوى مرة وحيدة للمحاولة. إن الأداء المباشر أمام الجمهور أمر محرج ومبهج في آن، فهو ينشئ هذا الاتصال العميق مع الفنانين، والممثلين والجمهور. كما أنه غير قابل للنسخ، لذا يتمتع كل عرض بميزة الفرادة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: علمنا أنكِ تعملين حالياً على فيلم جديد. أخبرينا المزيد.
فردوس: “صرخة حب” (Cry of Love) هو فيلم موسيقي أفريقي. في العام 2000، أنتجنا سلسلة وثائقية كجزء من دراسة لمنظمة اليونيسف عن العنف ضد الأطفال. وقد تسنت لنا فرصة إجراء مقابلات مع أطفال من مدغشقر حول العنف المنزلي، ومن أوغنده حول الأطفال المحاربين والمصابون بفيروس الايدز، ومن أثيوبيا حول الزواج عن طريق الخطف. عرضت هذه السلسلة في جميع أنحاء العالم، كما عرضت قناة سي أن أن أجزاء منها. وقد جذبت الانتباه إلى الفظائع التي ترتكب في أفريقيا، لكن للأسف، لم تتمكن من تغيير الكثير.

وبعد عرضنا للجزء الثالث في هذه السلسلة، أردنا التركيز على الشباب، وقد أقلقتنا الاعتداءات الناتجة عن الكراهية للأجانب، والتي انتشرت في جنوب أفريقيا عام 2008) . ولم نكن نحن جماعة صناع الأفلام الأفارقة نصدق ما يحدث على أرضنا. لقد أمضينا وقتاً طويلاً في بلدان أفريقية أخرى، وقد كنا نشعر بالترحيب أينما ذهبنا، لكن عالمنا تحطم عام 2008، وما زلنا غير قادرين على الشفاء من هذه الصدمة منذ ذلك الحين. فرأينا أن نستخدم السينما كوسيلة للاضاءة على ما يقلقنا، لكن أيضاً أن نستخدم الفنون والثقافة كوسيط لتحقيق التوازن، وبهذه الطريقة يمكن للشباب أن يحققوا فجراً جديداً.

نخشى أننا في حال لم نتمكن من إيجاد حلول لأفريقيا، من سيفعل؟ يجب أن نقدم آمالاً جديداً، وحباً، وسلاماً ومستقبلاً يساهم الشباب في تعزيز جميعها.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كرئيسة لجان تحكيم في العديد من المهرجانات العالمية الخاصة بالأطفال، ما الذي تبحثين عنه في الأفلام؟
فردوس: أبحث عن جوهر القصة. مضمون الفيلم هو الأساس، طالما القصة صادقة. كما أبحث أيضاً عن القصص التي تطال “الأمم الكبرى” كأفريقيا، وآسيا وأميركا اللاتينية. أبحث عن القصص البديلة، وتلك التي تسبر الأغوار، وتقدم صوراً عن عوالم جديدة، ورؤى جديدة، ومفاهيم جديدة، وأخرى يكون فيها الأطفال كائنات مقدرة ومحترمة، تسمح بإسماع صوتهم.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تقيّمين نوعية العمل في شبكات القنوات التلفزيونية الخاصة بالأطفال مؤخراً؟
فردوس: إن القنوات التجارية الخاصة بالأطفال تحقق أرباحاً طائلة على حساب المضمون الذي يتوجه للطفل. إنها تنتج مواداً عالية الجودة، لكنها سطحية غالباً، ولا تتعدى كونها ترفيهية. من الضروري التطرق للأعماق أيضاً في المواد التي تتوجه للأطفال، والانتاج أيضاً لأسواق أخرى. إن العولمة لا سيما حينما تساهم في اندثار أصوات ‘الآخرين’. نحن بحاجة لأن نقدم للأطفال صورة عن العالم، ليتكوّن لديهم نوع من الوعي عن العالم المحيط بهم، فلا يمكنهم العيش في فقاعة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الورشات الخاصة بالأطفال التي تقودينها؟ وهل تشركين الأهل فيها؟
فردوس: نحن ندرّب منتجي برامج الأطفال، كما أنه لدينا فريق إعلامي من الشباب الذين يدرّبون أندادهم على إنتاج مواد ينفذها أطفال من أجل الأطفال، وشباب من أجل الشباب. لم يشارك أهالي في هذه الورشات، لكن معظم المنتجين والمخرجين هم آباء وأمهات، لذلك فهم يستفيدون أيضاً من هذه الورشات.

مؤسسة الدوحة للأفلام: إن مشوارك المهني شديد التنوع. ما هي أحب اللحظات على قلبك؟
فردوس: لدي البعض منها. في الفترة الممتدة ما بين 1997- 1998، حين قابلت الرئيس السابق نيلسون مانديلا، حينما كانت تحتفل جامعة فورت هير بالذكرى الثمانين لتأسيسها، تمت دعوتنا فيما بعد من قبل المجلس الوطني الأفريقي لتغطية ذكرى مولده السابع والثمانين. أنتجنا حينها وثائقياً، وكتيّباً للصور الفوتوغرافية بالأسود والأبيض، تحت عنوان “مجلس الشيوخ” (Council of the Elders). وقد كتب نيلسون مانديلا مقدمته. خلال فترة التصوير، قابلنا الكثير من المحاربين القدامى في نزاع تحرير جنوب أفريقيا؛ كان حقاً شرفاً كبيراً لنا أن نقابل هؤلاء الذين حاربوا من أجل الحرية.

Firdoze Bulbulia with Nelson Mandela

في العالم 2000، أنتجنا سلسلة من 13 جزءاً حول حرب أفريقيا ضد الايدز. صوّرنا في أكثر من 13 دولة أفريقية، وكان عملنا بشكل وثيق مع الرؤساء كينيث كوندا من زامبيا، وجيري رولينغز من غانا. تنشقنا رائحة الموت في أثيوبيا، حين شهدنا على موت أحد الذين ظهروا في الفيلم بسبب مرض الايدز. وهذا دفعني ذلك إلى اللجوء إلى التفرّغ إلى رسالة الماجستير في الدراسات الأفريقية بجامعة أوهايو في أميركا. عرضنا هذه السلسلة في محكمة العدل الدولية في هولنده، وتمكنا من جمع تبرعات لتمويل البحوث حول الشفاء من مرض الايدز.

مؤسسة الدوحة للأفلام: من هو مصدر إلهامك؟
فردوس: أستلهم من الشباب والأطفال الذي نعمل معهم، أي المنتجين الذين ندربهم والشباب الذين يحرصون على بث قناة ABC من نيجيريا، حتى حينما أكون في جنوب أفريقيا.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي رسالتك للشباب المهتمين بإنتاج المواد الخاصة بالأطفال؟
فردوس: هناك حاجة كبرى لكل من يملكون الالتزام والصدق والمهتمين بجعل العالم مكاناً أفضل لجميع الأطفال. ركزوا على مجتمعاتكم وأطفالكم. فليكن تفكيركم عالمياً لكن ليكن توجهكم محلياً! هناك الكثير من الأشخاص الذين يرغبون بمساعدة الأطفال في المجتمعات البعيدة. أقول لكم، انظروا إلى الأوضاع في باحتكم الخلفية (مجتمعاتكم) وحاولوا إحداث التغيير. فالأعمال الخيرة يجب أن تبدأ في أوطانكم أولاً.

blog comments powered by Disqus