المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: بيتر لوم

20 فبراير 2012

ولد بيتر لوم في براغ عام 1968، ونشأ في كنده. حاز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة هارفرد، قبل أن يترك جامعته عام 2003 ليتفرّغ لصناعة الأفلام الوثائقية.أول عمل له كان بعنوان “اختطاف العروس في كرغيزستان” في العام 2004. أمّا عمله الأخير “العودة إلى الميدان” الذي صوّره في مصر، فتعقّب من خلاله تجربة خمس شخصيات عقب الثورة المصرية.

مؤسسة الدوحة للأفلام: لماذا قررت التوجه إلى مهنة صناعة الأفلام الوثائقية؟
لوم: كنت أحب مهنة التدريس، أحببت ما كنت أقوم به لكنه لم يكن مرض بالنسبة إلي. والسبب الرئيسي وراء حبي لصناعة الأفلام يعود إلى شغفي بالمغامرة، بالإبداع الفني، والجانب العملي الذي يتمثّل بالانخراط في شؤون الناس. وأشعر بأن المواضيع التي اخترت تناولها كانت مهمة جداً.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي دفعك إلى تصوير هذا الوثائقي في مصر؟
لوم: قد تكون الصدفة، لطالما كنت مهتماً بما يجري في المنطقة. قمت بتصوير فيلمي الأخير عن الرئيس أحمدي نجاد في إيران عام 2009. أدركت مدى شغفي بقصص المصريين العاديين، وكلما اشتدت وطأة الثورة على مرّ الأشهر، بدا واضحاً أكثر فأكثر أن أهم المواضيع المطروحة مرتبطة بشكل أو بآخر بحقوق الإنسان.

مؤسسة الدوحة للأفلام: تميّزت شخصيات فيلمك الوثائقي “العودة إلى الميدان” بالصراحة، والغضب، وكأنهم لا يخشون قول كل ما يجول في خاطرهم، كيف تمكنت من إيجاد هذه الشخصيات؟
لوم: في وقت من الأوقات كان لدي 14 شخصية، أجريت تحقيقاتي مع البعض منهم، واطلعت على قصة مايكل المدوّن الذي سُجن، وكذلك والي وسلوى. أما بالنسبة إلى لميس ومحمد، المدانان سابقاً، فكان الأمر محض صدفة. التقيت بلميس عندما كنت أصور في قسم الشرطة، في حين عثرت على محمد من خلال مساعدي، الذي التقاه بدوره عن طريق والدها في المستشفى.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ماذا سيحلّ بالمشاركين في الوثائقي عندما سيعرض في مصر؟
لوم: بطبيعة الحال، أقلق على مصيرهم، وأنا شرحت لهم عملي بالتفصيل، وكان الأمر واضحاً بالنسبة إليهم. إنهم شجعان جداً ويرغبون برواية قصصهم. أعتقد أنهم يتميزون بالجرأة التي هي محط تقديري واحترامي. لكن هذا لا يخفي قلقي عليهم من أي مكروه قد يصيبهم.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ألم تخش النقد كونك أجنبي غريب عن المجتمع المصري؟ أو اتهامك بعدم القدرة على العمل بموضوعية؟
لوم: إن أفلامي الأربعة التي سبق وأن صورتها لم تكن في بلدي، أي أنني لم أكن خبيراً في الأوضاع، كما أنني لا أتكلم لغتها. لا شكّ في أن في الأمر مخاطرة، لكن المبدأ الأساسي الذي اتبعته في عملي، هو أن التسلسل الدرامي للأمور يصعب عليّ عملية الخروج باستنتاجاتي الخاصة. من المهم جداً إظهار الاحترام إلى من تتعامل معهم . تلقيت الإطراء الأجمل على الإطلاق خلال عرض الفيلم في مصر من أحد الصحافيين الذي قال لي “عند الانتهاء من مشاهدة الفيلم، اعتقدت لوهلة أن صانع الفيلم هو مصري” . أتمنى أن يكون هذا صحيحاً، لأنني أجد أن الأمر بمنتهى الحساسية أن تشعر بأنك تمثل إمبريالية شرقية أو إمبريالية ثقافية في هذه المنطقة، أتمنى أن أكون نجحت في ذلك، ويبقى الحكم لكم.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تقيم الوضع في مصر حالياً؟
لوم: أعتقد أننا نشهد تزايداً في الوعي العام لجهة النظرة إلى الأوضاع في مصر. ففي الفترة الممتدة من بداية الثورة إلى الصيف، لم تكن تحظى الأحداث الواقعية بتغطية واسعة في وسائل الإعلام العالمية، والتي كانت لا تزال مصنفة في خانة “ثورة الفايسبوك”. ومن هذا المنطلق أردت تسليط الضوء على قصص الناس الحقيقية، كما هي.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أخبرنا عن فيلمك الوثائقي، “رسائل إلى الرئيس”.
لوم: الوضع في إيران كان أكثر تعقيداً، لأن نظام الحكم استبدادي. استغرق التصوير في إيران مدة 5 أشهر، توجهت إلى هناك بدافع الفضول بما أن إيران كانت على حافة التعرض لهجوم حربي في العام 2008. كنت أحاول إظهار وجهة نظر النظام، والتعامل معه باحترام، لكن مع مرور الوقت، تعرفت إليه عن كثب. ولهذا السبب اكتسب فيلمي منحىً ساخراً. وظهر الأمر كما وأنه نكتة: كتب الناس رسائلهم إلى الرئيس، ومن الطبيعي أن يفوق عدد الخدمات المطلوبة المليون. إنه أسلوب خاص يعطيك فكرة عن حقيقة العيش في إيران.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل تشعر بأن الناس في مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا هم أكثر تعطشاً للمشاركة في أفلام وثائقية والإفصاح عن قصصهم؟
لوم: أعتقد أن هناك تحولاً هائلاً على هذا الصعيد، يقوم زميلي حالياً بتصوير فيلم عن الفنانين الشباب في مصر، من خلال تدريبهم على تصوير قصصهم بذاتهم. بدت حماسة الفنانين الشباب واضحة جداً، كونهم أصبحوا قادرين على التصوير بحرية للمرة الأولى. بالمقابل، أبلغني البعض أن شدة انفاعلهم وتأثرهم بالثورة أنساهم آلات التصوير في المنزل.

blog comments powered by Disqus